الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  قال الرافضي [1] : " البرهان الثاني : قوله تعالى : ( ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته )   [ سورة المائدة : 67 ] [2] ، اتفقوا في نزولها في علي . وروى [3] أبو نعيم الحافظ - من الجمهور - بإسناده عن عطية قال : نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في علي بن أبي طالب [4] . ومن تفسير [ ص: 32 ] الثعلبي قال : معناه : بلغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي ، فلما نزلت هذه الآيه أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيد علي ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . والنبي - صلى الله عليه وسلم - مولى أبي بكر وعمر وباقي الصحابة بالإجماع ، فيكون علي مولاهم ، فيكون هو الإمام .

                  ومن تفسير الثعلبي [5] : لما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي وقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " فشاع ذلك وطار في البلاد [6] ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته ، حتى أتى الأبطح ، فنزل عن ناقته وأناخها فعقلها ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم [7] - وهو في ملأ من الصحابة ، فقال : يا محمد ، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ; فقبلنا [8] منك . وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك . وأمرتنا أن نزكي أموالنا [9] فقبلناه منك . وأمرتنا أن نصوم شهرا [10] فقبلناه منك . وأمرتنا أن نحج البيت فقبلناه منك . ثم لم ترض [ ص: 33 ] بهذا حتى رفعت بضبعي [11] ابن عمك وفضلته علينا ، وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه [12] . وهذا منك [13] أم من الله ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - والله [14] الذي لا إله إلا هو هو من أمر الله [15] ، فولى الحارث [16] يريد راحلته ، وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق [17] من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج [18] من دبره فقتله ، وأنزل [19] الله تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع . للكافرين ليس له دافع من الله ) [ سورة المعارج : 1 - 3 ] . وقد روى هذه الرواية النقاش من علماء الجمهور في تفسيره " .

                  والجواب من وجوه : أحدها : أن هذا أعظم كذبا وفرية من الأول ، كما سنبينه - إن شاء الله تعالى - . وقوله : " اتفقوا على نزولها في علي " أعظم كذبا مما قاله في تلك الآيه . فلم يقل لا هذا ولا ذاك أحد من العلماء ، الذين يدرون ما يقولون .

                  [ ص: 34 ] وأما ما [20] يرويه أبو نعيم في " الحلية " أو في " فضائل الخلفاء " والنقاش والثعلبي والواحدي ونحوهم في التفسير ، فقد [21] اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما [22] يروونه كثيرا من الكذب الموضوع ، واتفقوا على أن هذا الحديث المذكور الذي رواه الثعلبي في تفسيره [23] هو من الموضوع ، وسنبين أدلة يعرف بها أنه [24] موضوع ، وليس [ الثعلبي ] [25] من أهل العلم * بالحديث .

                  ولكن المقصود هنا أنا نذكر قاعدة فنقول : المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب * [26] ، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث [27] ، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب [28] ، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة ، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك ، فلكل علم رجال يعرفون به ، [ ص: 35 ] والعلماء بالحديث أجل هؤلاء قدرا [29] ، وأعظمهم صدقا ، وأعلاهم منزلة ، وأكثر دينا .

                  وهم من أعظم الناس صدقا وأمانة ، وعلما وخبرة ، فيما يذكرونه عن الجرح والتعديل
                   ، مثل مالك ، وشعبة ، وسفيان ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وابن المبارك ، ووكيع ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي عبيد ، وابن معين ، وابن المديني ، والبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، والنسائي ، والعجلي ، وأبي أحمد بن عدي ، وأبي حاتم [30] البستي ، والدارقطني ، وأمثال هؤلاء : خلق كثير لا يحصى عددهم ، من أهل العلم بالرجال والجرح والتعديل ، وإن كان بعضهم أعلم بذلك من بعض ، وبعضهم أعدل من بعض في وزن كلامه ، كما أن الناس في سائر العلوم كذلك .

                  وقد صنف للناس كتبا في نقلة الأخبار : كبارا وصغارا ، مثل الطبقات لابن سعد ، وتاريخي البخاري ، والكتب المنقولة عن أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهما . وقبلها عن يحيى بن سعيد القطان وغيره ، وكتاب يعقوب بن سفيان ، وابن أبي خيثمة ، وابن أبي حاتم ، وكتاب ابن عدي ، وكتب [31] أبي حازم وأمثال ذلك .

                  وصنفت كتب الحديث تارة على المساند ، فتذكر ما أسنده الصاحب [32] عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كمسند أحمد ، وإسحاق ، وأبي داود [ ص: 36 ] الطيالسي ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن أبي عمر ، والعدني ، وأحمد بن منيع ، وأبي يعلى الموصلي ، وأبي بكر البزار البصري ، وغيرهم .

                  وتارة على الأبواب ، فمنهم من قصد مقصده الصحيح [33] كالبخاري ومسلم وابن خزيمة وأبي حاتم وغيرهم . وكذلك من خرج على الصحيحين ، كالإسماعيلي والبرقاني وأبي نعيم وغيرهم . ومنهم من خرج أحاديث السنن ، كأبي داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم . ومنهم من خرج الجامع الذي يذكر فيه الفضائل وغيرها ، كالترمذي وغيره .

                  وهذا علم عظيم من أعظم علوم الإسلام . ولا ريب أن الرافضة أقل معرفة بهذا الباب ، وليس في أهل الأهواء والبدع أجهل منهم به ، فإن سائر أهل الأهواء - كالمعتزلة والخوارج - * مقصرون [34] في معرفة هذا ، ولكن المعتزلة ، أعلم بكثير من الخوارج ، والخوارج أعلم بكثير من الرافضة ، والخوارج * [35] أصدق من الرافضة وأدين وأورع ، بل الخوارج لا نعرف عنهم أنهم يتعمدون الكذب ، بل هم [ من ] [36] أصدق الناس .

                  والمعتزلة - مثل سائر الطوائف - فيهم من يكذب وفيهم من يصدق ، لكن ليس لهم من العناية بالحديث ومعرفته [37] ما لأهل الحديث والسنة ، فإن هؤلاء يتدينون [38] به [39] فيحتاجون إلى أن يعرفوا ما هو الصدق .

                  [ ص: 37 ] وأهل البدع سلكوا طريقا آخر ابتدعوها اعتمدوا عليها [40] ، ولا يذكرون الحديث ، بل ولا القرآن ، في أصولهم [ إلا ] [41] للاعتضاد لا للاعتماد   .

                  والرافضة أقل معرفة وعناية بهذا ، إذ [42] كانوا لا ينظرون في الإسناد ولا في سائر الأدلة الشرعية والعقلية : هل [43] توافق ذلك أو تخالفه ؟ ولهذا لا يوجد لهم أسانيد متصلة صحيحة قط ، بل كل إسناد متصل لهم ، فلا بد من أن يكون فيه من [44] هو معروف بالكذب أو كثرة الغلط .

                  وهم في ذلك شبيه باليهود والنصارى ، فإنه ليس لهم إسناد . والإسناد من خصائص هذه الأمة  ، وهو من خصائص الإسلام ، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة . والرافضة من أقل الناس عناية ; إذ [45] كانوا لا يصدقون إلا بما يوافق أهواءهم ، وعلامة كذبه أنه [46] يخالف هواهم ; ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم .

                  ثم إن أولهم كانوا كثيري [47] الكذب ، فانتقلت أحاديثهم إلى قوم لا يعرفون الصحيح من السقيم ، فلم يمكنهم التمييز إلا بتصديق الجميع أو تكذيب الجميع ، والاستدلال على ذلك بدليل منفصل غير الإسناد .

                  [ ص: 38 ] فيقال : ما يرويه مثل أبي نعيم والثعلبي والنقاش وغيرهم [48] : أتقبلونه مطلقا ؟ أم تردونه مطلقا ؟ أم تقبلونه إذا كان لكم [ لا عليكم ] [49] ، وتردونه إذا كان عليكم ؟ فإن تقبلوه [50] مطلقا ، ففي ذلك أحاديث كثيره في فضائل [51] أبي بكر وعمر وعثمان تناقض قولكم . وقد روى أبو نعيم في أول " الحلية " في فضائل الصحابة ، وفي كتاب مناقب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أحاديث بعضها صحيحة وبعضها ضعيفة ، بل منكرة [52] . وكان رجلا عالما بالحديث فيما ينقله ، لكن هو وأمثاله يروون ما في الباب ، لا يعرف أنه روى كالمفسر الذي ينقل أقوال الناس في التفسير ، والفقيه الذي يذكر الأقوال في الفقه ، والمصنف الذي يذكر حجج الناس ، ليذكر ما ذكروه [53] ، وإن كان كثير من ذلك لا يعتقد صحته ، بل يعتقد ضعفه ; لأنه يقول : أنا نقلت ما ذكر غيري ، فالعهدة [54] على القائل لا على الناقل .

                  وهكذا كثير ممن صنف في فضائل العبادات ، وفضائل الأوقات ، وغير [ ص: 39 ] ذلك : يذكرون أحاديث كثيرة وهي ضعيفة ، بل موضوعة ، باتفاق أهل العلم ، كما يذكرون [ أحاديث ] [55] في فضل صوم رجب كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، عند أهل العلم . ويذكرون صلاة الرغائب في أول ليلة [56] جمعة منه ، وألفية نصف شعبان ، وكما يذكرون في فضائل عاشوراء ما ورد من التوسعة على العيال ، وفضائل المصافحة والحناء والخضاب والاغتسال ونحو ذلك ، ويذكرون فيها صلاة .

                  وكل هذا كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يصح في عاشوراء إلا فضل صيامه . قال حرب الكرماني : قلت لأحمد بن حنبل : الحديث الذي يروى : من وسع على عياله [57] يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ؟ فقال : لا أصل له [58] .

                  وقد صنف في فضائل الصحابة - علي وغيره - غير واحد ، مثل خيثمة بن سليمان الأطرابلسي وغيره . وهذا قبل أبي نعيم . يروي عنه إجازة . وهذا وأمثاله جروا على العادة المعروفة لأمثالهم ممن يصنف في الأبواب : أنه يروي ما سمعه في هذا [59] الباب .

                  [ ص: 40 ] وهكذا المصنفون في التواريخ ، مثل " تاريخ دمشق " لابن عساكر وغيره ، إذا ذكر ترجمة واحد من الخلفاء الأربعة ، أو غيره [60] يذكر كل ما رواه في ذلك الباب ، فيذكر لعلي ومعاوية من الأحاديث المروية في فضلهما ما يعرف أهل العلم بالحديث أنه كذب ، ولكن لعلي من الفضائل الثابتة في الصحيحين وغيرهما ، ومعاوية ليس له بخصوصه فضيلة في الصحيح ، لكن قد شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنينا والطائف وتبوك ، وحج معه حجة الوداع ، وكان يكتب الوحي ، فهو ممن ائتمنه النبي - صلى الله عليه وسلم - على كتابة الوحي ، كما ائتمن غيره من الصحابة .

                  فإذا كان المخالف يقبل كل ما رواه هؤلاء وأمثالهم في كتبهم ، فقد رووا أشياء كثيرة تناقض مذهبهم . وإن كان يرد الجميع ، بطل احتجاجه بمجرد عزوه الحديث [ بدون المذهب ] إليهم [61] . وإن قال : أقبل ما يوافق مذهبي وأرد ما يخالفه ، أمكن منازعه أن يقول له مثل هذا ، [ وكلاهما ] [62] باطل ، لا يجوز أن يحتج على * صحة مذهب بمثل هذا ، فإنه يقال : إن كنت إنما عرفت صحة هذا الحديث بدون المذهب ، فاذكر ما يدل على * [63] صحته ، وإن كنت إنما عرفت صحته لأنه يوافق المذهب ، امتنع تصحيح الحديث بالمذهب ; لأنه يكون حينئذ صحة المذهب موقوفة على صحة الحديث ، وصحة الحديث موقوفة على صحة المذهب ، فيلزم الدور الممتنع .

                  [ ص: 41 ] وأيضا فالمذهب : إن كنت عرفت صحته بدون هذا الطريق ، لم يلزم صحة هذا الطريق . فإن الإنسان قد يكذب على غيره قولا ، وإن كان ذلك القول حقا ، فكثير من الناس يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [64] قولا هو حق في نفسه ، لكن لم يقله رسول الله - صلى الله عليه وسلم [65] - فلا يلزم من كون الشيء صدقا في نفسه [66] أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله ، وإن كنت إنما عرفت صحته بهذا الطريق ، امتنع أن تعرف صحة الطريق بصحته ; لإفضائه إلى الدور .

                  فثبت أنه على التقديرين لا يعلم صحة هذا الحديث لموافقته للمذهب ، سواء كان المذهب معلوم الصحة ، أو غير معلوم الصحة .

                  وأيضا [67] فكل من له أدنى علم وإنصاف يعلم أن المنقولات فيها صدق وكذب [68] ، وأن الناس كذبوا في المثالب والمناقب ، كما كذبوا في غير ذلك ، وكذبوا فيما يوافقه ويخالفه .

                  ونحن نعلم أنهم كذبوا في كثير مما رووه [69] في فضائل أبى بكر وعمر وعثمان ، كما كذبوا في كثير مما رووه [70] في فضائل علي ، وليس في أهل الأهواء أكثر كذبا من الرافضة ، بخلاف غيرهم ، فإن الخوارج [71] لا يكادون يكذبون ، بل هم من أصدق الناس مع بدعتهم وضلالهم .

                  [ ص: 42 ] وأما أهل العلم والدين فلا يصدقون بالنقل ويكذبون [ به ] [72] بمجرد موافقة ما يعتقدون  ، بل قد ينقل الرجل أحاديث كثيرة فيها فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته وأصحابه ، فيردونها لعلمهم بأنها كذب ، ويقبلون أحاديث كثيرة لصحتها ، وإن كان ظاهرها بخلاف ما يعتقدونه : إما لاعتقادهم أنها منسوخة ، أو لها تفسير لا يخالفونه ، ونحو ذلك .

                  فالأصل في النقل أن يرجع فيه إلى أئمة النقل وعلمائه ، ومن يشركهم في علمهم علم ما يعلمون ، وأن يستدل على الصحة والضعف بدليل منفصل عن الرواية ، فلا بد من هذا وهذا . وإلا فمجرد قول القائل : " رواه فلان " لا يحتج به : لا أهل السنة ولا الشيعة ، وليس في المسلمين من يحتج بكل حديث رواه كل مصنف ، فكل حديث يحتج به نطالبه من أول مقام بصحته .

                  ومجرد عزوه إلى رواية الثعلبي ونحوه ليس دليلا على صحته باتفاق أهل العلم بالنقل . ولهذا لم يروه أحد من علماء الحديث في شيء من كتبهم التي ترجع الناس إليها في الحديث ، لا [ في ] [73] الصحاح ولا في السنن ولا المسانيد [74] وغير ذلك ; لأن كذب مثل هذا لا يخفى على من له أدنى معرفة بالحديث .

                  وإنما هذا عند أهل العلم بمنزلة ظن من يظن من العامة - وبعض من يدخل في غمار الفقهاء - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان على أحد المذاهب الأربعة ، وأن أبا حنيفة ونحوه كانوا من قبل النبي - صلى الله عليه [ ص: 43 ] وسلم - ، أو كما يظن طائفة من التركمان أن حمزة له مغاز عظيمة وينقلونها بينهم ، والعلماء متفقون على أنه لم يشهد إلا بدرا وأحدا وقتل يوم أحد ، ومثل ما يظن كثير من الناس أن في مقابر دمشق من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة وغيرها ، ومن أصحابه أبي بن كعب ، وأويس القرني وغيرهما .

                  وأهل العلم يعلمون أن أحدا من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقدم دمشق ، ولكن كان في الشام أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري ، وكان أهل الشام يسمونها أم سلمة ، فظن الجهال أنها أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - . وأبي بن كعب مات بالمدينة . وأويس تابعي لم يقدم الشام . \ 507 ومثل من يظن من الجهال أن قبر علي بباطن النجف . وأهل العلم - بالكوفة وغيرها - يعلمون بطلان هذا ، ويعلمون أن عليا ومعاوية وعمرو بن العاص كل منهم دفن في قصر الإمارة ببلده ، خوفا عليه [75] من الخوارج أن ينبشوه ، فإنهم كانوا تحالفوا على قتل الثلاثة ، فقتلوا عليا وجرحوا معاوية .

                  وكان عمرو بن العاص قد استخلف رجلا يقال له [76] خارجة ، فضربه القاتل يظنه عمرا فقتله ، فتبين أنه خارجة ، فقال : أردت عمرا وأراد الله خارجة ، فصار مثلا .

                  ومثل هذا كثير مما يظنه كثير من الجهال . وأهل العلم بالمنقولات يعلمون خلاف ذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية