الوجه السابع : أن يقال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسأل على
[ ص: 102 ] تبليغ رسالة ربه أجرا ألبتة ، بل أجره على الله ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ) [ سورة ص : 86 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=40أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ) [ سورة الطور : 40 ] ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=47قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله ) [ سورة سبأ : 47 ] . ولكن الاستثناء هنا
[1] منقطع ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ) [ سورة الفرقان : 57 ] . ولا ريب أن محبة أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة ، لكن لم يثبت وجوبها بهذه الآية ، ولا محبتهم أجر للنبي
[2] - صلى الله عليه وسلم - ، بل هو مما أمرنا
[3] الله به ، كما أمرنا بسائر العبادات . وفي الصحيح عنه أنه خطب أصحابه بغدير يدعى خما بين
مكة والمدينة ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=711984 " أذكركم الله في أهل بيتي ، [4] أذكركم الله في أهل بيتي [5] " . وفي السنن عنه أنه قال :
" والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم [6] لله ولقرابتي [7] " فمن جعل
[ ص: 103 ] [ محبة ]
[8] أهل بيته أجرا له يوفيه إياه فقد أخطأ خطأ عظيما ، ولو كان أجرا له لم نثب عليه نحن ، لأنا أعطيناه أجره الذي يستحقه بالرسالة ، فهل يقول مسلم مثل هذا ؟ ! . الوجه الثامن : أن القربى معرفة باللام ، فلا بد أن يكون معروفا عند المخاطبين الذين أمر أن يقول لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23قل لا أسألكم عليه أجرا ) وقد ذكرنا
[9] أنها لما نزلت لم يكن قد خلق
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن ولا
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين [10] ، ولا تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=129بفاطمة . فالقربى التي كان المخاطبون يعرفونها يمتنع أن تكون هذه ، بخلاف القربى التي بينه وبينهم ، فإنها معروفة عندهم . كما تقول : لا أسألك إلا المودة في الرحم التي بيننا ، وكما تقول : لا أسألك إلا العدل بيننا وبينكم
[11] ، ولا أسألك إلا أن تتقي الله في هذا الأمر . الوجه التاسع : أنا نسلم
[12] أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا تجب مودته وموالاته بدون
[ ص: 104 ] الاستدلال بهذه الآية ، لكن ليس في وجوب موالاته ومودته ما يوجب اختصاصه بالإمامة ولا الفضيلة . وأما قوله : " والثلاثة لا تجب موالاتهم " فممنوع
[13] ، بل يجب أيضا مودتهم وموالاتهم ، فإنه قد ثبت أن الله يحبهم ، ومن كان الله يحبه وجب علينا أن نحبه ، فإن الحب في الله والبغض في الله واجب ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=18270_18804_30305أوثق عرى الإيمان . وكذلك هم من أكابر أولياء الله المتقين ، وقد أوجب الله موالاتهم ، بل قد ثبت أن الله رضي عنهم ورضوا عنه بنص القرآن ، وكل من رضي الله عنه فإنه يحبه ، والله يحب المتقين والمحسنين والمقسطين والصابرين ، وهؤلاء أفضل من دخل في هذه
[14] النصوص من هذه الأمة بعد نبيها . وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661693 " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد ، إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " [15] فهو أخبرنا أن المؤمنين يتوادون ويتعاطفون ويتراحمون ، وأنهم في ذلك كالجسد الواحد . وهؤلاء قد ثبت إيمانهم بالنصوص والإجماع ، كما قد ثبت إيمان علي ، ولا يمكن من قدح
[16] في إيمانهم أن يثبت إيمان علي ، بل كل
[17] طريق دل
[ ص: 105 ] على إيمان علي فإنها على إيمانهم أدل ، والطريق التي
[18] يقدح بها فيهم يجاب عنها
[19] كما يجاب عن القدح في علي وأولى ، فإن الرافضي الذي يقدح فيهم ويتعصب
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي فهو منقطع الحجة ،
كاليهود والنصارى الذين يريدون
[20] إثبات نبوة
موسى وعيسى والقدح في نبوة
محمد - صلى الله عليه وسلم - . ولهذا لا يمكن الرافضي أن يقيم الحجة على النواصب الذين يبغضون
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ، أو يقدحون في إيمانه ، من
الخوارج وغيرهم . فإنهم إذا قالوا له : بأي شيء علمت أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا مؤمن أو ولي لله تعالى
[21] ؟ . فإن قال : بالنقل المتواتر بإسلامه وحسناته . قيل له : هذا النقل موجود في
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان وغيرهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - . بل النقل المتواتر بحسنات هؤلاء ، السليمة عن المعارض ، أعظم من النقل المتواتر في مثل ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي . وإن قال : " بالقرآن الدال على إيمان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي " . قيل له : القرآن إنما دل بأسماء عامة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لقد رضي الله عن المؤمنين ) [ سورة الفتح : 18 ] ونحو ذلك . وأنت تخرج [ من ذلك ]
[22] أكابر الصحابة ، فإخراج واحد أسهل . وإن قال : بالأحاديث الدالة على فضائله ، أو نزول
[23] القرآن فيه . قيل : أحاديث أولئك أكثر وأصح ، وقد قدحت فيهم
[24] .
[ ص: 106 ] وقيل له : تلك الأحاديث التي في فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي إنما رواها
[25] الصحابة الذين قدحت فيهم ، فإن كان القدح صحيحا بطل النقل ، وإن كان النقل صحيحا بطل القدح . وإن قال : بنقل
الشيعة أو تواترهم . قيل له : الصحابة لم يكن فيهم من
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309الرافضة أحد .
nindex.php?page=treesubj&link=20368_20367_20353والرافضة تطعن في جميع الصحابة إلا نفرا قليلا : بضعة عشر . ومثل هذا قد يقال : إنهم قد
[26] تواطئوا على ما نقلوه ، فمن قدح في نقل الجمهور كيف يمكنه إثبات نقل نفر قليل
nindex.php?page=treesubj&link=28833وهذا مبسوط في موضعه . والمقصود أن قوله : " وغير nindex.php?page=showalam&ids=8علي من الثلاثة لا تجب مودته " كلام باطل عند الجمهور ، بل مودة هؤلاء أوجب عند أهل السنة من مودة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، لأن وجوب المودة على مقدار الفضل ، فكل من كان أفضل كانت مودته أكمل . وقد قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) [ سورة مريم : 96 ] . قالوا : يحبهم ويحببهم إلى عباده . وهؤلاء أفضل من آمن وعمل صالحا من هذه الأمة بعد نبيها ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) [ سورة الفتح : 29 ] إلى آخر السورة . وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=907452أي الناس أحب إليك ؟ قال : " nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة " . قيل [27] : فمن الرجال ؟ قال : " أبوها " [28] .
[ ص: 107 ] وفي الصحيح أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر - رضي الله عنهما - يوم السقيفة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653394بل أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[29] . وتصديق ذلك ما استفاض في الصحاح من غير وجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650446لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن مودة الإسلام "
[30] . فهذا يبين أنه ليس في أهل الأرض أحق بمحبته ومودته من
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، وما كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أحب إلى الله ، وما كان أحب إلى الله ورسوله فهو أحق أن يكون أحب إلى المؤمنين ، الذين يحبون ما أحبه الله ورسوله [ كما أحب الله ورسوله ]
[31] . والدلائل الدالة على أنه أحق بالمودة كثيرة ، فضلا عن أن يقال : إن المفضول تجب مودته ، وإن الفاضل لا تجب مودته .
الْوَجْهُ السَّابِعُ : أَنْ يُقَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْأَلُ عَلَى
[ ص: 102 ] تَبْلِيغِ رِسَالَةِ رَبِّهِ أَجْرًا أَلْبَتَّةَ ، بَلْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=86قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) [ سُورَةُ ص : 86 ] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=40أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) [ سُورَةُ الطُّورِ : 40 ] ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=47قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ) [ سُورَةُ سَبَأٍ : 47 ] . وَلَكِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا
[1] مُنْقَطِعٌ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ) [ سُورَةُ الْفُرْقَانِ : 57 ] . وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَحَبَّةَ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبَةٌ ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ وُجُوبُهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَا مَحَبَّتُهُمْ أَجْرٌ لِلنَّبِيِّ
[2] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، بَلْ هُوَ مِمَّا أَمَرَنَا
[3] اللَّهُ بِهِ ، كَمَا أَمَرَنَا بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَ أَصْحَابَهُ بِغَدِيرٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=711984 " أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، [4] أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي [5] " . وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ [6] لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي [7] " فَمَنْ جَعَلَ
[ ص: 103 ] [ مَحَبَّةَ ]
[8] أَهْلِ بَيْتِهِ أَجْرًا لَهُ يُوَفِّيهِ إِيَّاهُ فَقَدَ أَخْطَأَ خَطَأً عَظِيمًا ، وَلَوْ كَانَ أَجْرًا لَهُ لَمْ نُثَبْ عَلَيْهِ نَحْنُ ، لِأَنَّا أَعْطَيْنَاهُ أَجْرَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ ، فَهَلْ يَقُولُ مُسْلِمٌ مِثْلَ هَذَا ؟ ! . الْوَجْهُ الثَّامِنُ : أَنَّ الْقُرْبَى مُعَرَّفَةُ بِاللَّامِ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ الَّذِينَ أُمِرَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ) وَقَدْ ذَكَرْنَا
[9] أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ لَمْ يَكُنْ قَدْ خُلِقَ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ [10] ، وَلَا تَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=129بِفَاطِمَةَ . فَالْقُرْبَى الَّتِي كَانَ الْمُخَاطَبُونَ يَعْرِفُونَهَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ ، بِخِلَافِ الْقُرْبَى الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، فَإِنَّهَا مَعْرُوفَةٌ عِنْدَهُمْ . كَمَا تَقُولُ : لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الرَّحِمِ الَّتِي بَيْنَنَا ، وَكَمَا تَقُولُ : لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا الْعَدْلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
[11] ، وَلَا أَسْأَلُكَ إِلَّا أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ فِي هَذَا الْأَمْرِ . الْوَجْهُ التَّاسِعُ : أَنَّا نُسَلِّمُ
[12] أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ وَمُوَالَاتُهُ بِدُونِ
[ ص: 104 ] الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، لَكِنْ لَيْسَ فِي وُجُوبِ مُوَالَاتِهِ وَمَوَدَّتِهِ مَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِالْإِمَامَةِ وَلَا الْفَضِيلَةِ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَالثَّلَاثَةُ لَا تَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ " فَمَمْنُوعٌ
[13] ، بَلْ يَجِبُ أَيْضًا مَوَدَّتُهُمْ وَمُوَالَاتُهُمْ ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُمْ ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّهُ ، فَإِنَّ الْحُبَّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ وَاجِبٌ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=18270_18804_30305أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ . وَكَذَلِكَ هُمْ مِنْ أَكَابِرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ مُوَالَاتِهِمْ ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، وَكُلُّ مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّهُ ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالْمُقْسِطِينَ وَالصَّابِرِينَ ، وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ
[14] النُّصُوصِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661693 " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ ، إِنِ اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ " [15] فَهُوَ أَخْبَرَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَوَادُّونَ وَيَتَعَاطَفُونَ وَيَتَرَاحَمُونَ ، وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ . وَهَؤُلَاءِ قَدْ ثَبَتَ إِيمَانُهُمْ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ ، كَمَا قَدْ ثَبَتَ إِيمَانُ عَلِيٍّ ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْ قُدِحَ
[16] فِي إِيمَانِهِمْ أَنْ يُثْبِتَ إِيمَانَ عَلِيٍّ ، بَلْ كُلُّ
[17] طَرِيقٍ دَلَّ
[ ص: 105 ] عَلَى إِيمَانِ عَلِيٍّ فَإِنَّهَا عَلَى إِيمَانِهِمْ أَدَلُّ ، وَالطَّرِيقُ الَّتِي
[18] يُقْدَحُ بِهَا فِيهِمْ يُجَابُ عَنْهَا
[19] كَمَا يُجَابُ عَنِ الْقَدْحِ فِي عَلِيٍّ وَأَوْلَى ، فَإِنَّ الرَّافِضِيُّ الَّذِي يَقْدَحُ فِيهِمْ وَيَتَعَصَّبُ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْحُجَّةِ ،
كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ يُرِيدُونَ
[20] إِثْبَاتَ نُبُوَّةِ
مُوسَى وَعِيسَى وَالْقَدْحِ فِي نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَلِهَذَا لَا يُمْكِنُ الرَّافِضِيُّ أَنْ يُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَى النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا ، أَوْ يَقْدَحُونَ فِي إِيمَانِهِ ، مِنَ
الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ . فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا لَهُ : بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مُؤْمِنٌ أَوْ وَلِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى
[21] ؟ . فَإِنْ قَالَ : بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ بِإِسْلَامِهِ وَحَسَنَاتِهِ . قِيلَ لَهُ : هَذَا النَّقْلُ مَوْجُودٌ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . بَلِ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ بِحَسَنَاتِ هَؤُلَاءِ ، السَّلِيمَةُ عَنِ الْمُعَارِضِ ، أَعْظَمُ مِنَ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ . وَإِنْ قَالَ : " بِالْقِرَآنِ الدَّالِّ عَلَى إِيمَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ " . قِيلَ لَهُ : الْقُرْآنُ إِنَّمَا دَلَّ بِأَسْمَاءٍ عَامَّةٍ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 18 ] وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَأَنْتَ تُخْرِجُ [ مِنْ ذَلِكَ ]
[22] أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ ، فَإِخْرَاجُ وَاحِدٍ أَسْهَلُ . وَإِنْ قَالَ : بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضَائِلِهِ ، أَوْ نُزُولِ
[23] الْقُرْآنِ فِيهِ . قِيلَ : أَحَادِيثُ أُولَئِكَ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ ، وَقَدْ قَدَحْتَ فِيهِمْ
[24] .
[ ص: 106 ] وَقِيلَ لَهُ : تِلْكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي فَضَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ إِنَّمَا رَوَاهَا
[25] الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَدَحْتَ فِيهِمْ ، فَإِنْ كَانَ الْقَدْحُ صَحِيحًا بَطَلَ النَّقْلُ ، وَإِنْ كَانَ النَّقْلُ صَحِيحًا بَطَلَ الْقَدْحُ . وَإِنْ قَالَ : بِنَقْلِ
الشِّيعَةِ أَوْ تَوَاتُرِهِمْ . قِيلَ لَهُ : الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28833_31309الرَّافِضَةِ أَحَدٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=20368_20367_20353وَالرَّافِضَةُ تَطْعَنُ فِي جَمِيعِ الصَّحَابَةِ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا : بِضْعَةَ عَشَرَ . وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ
[26] تَوَاطَئُوا عَلَى مَا نَقَلُوهُ ، فَمَنْ قَدَحَ فِي نَقْلِ الْجُمْهُورِ كَيْفَ يُمْكِنُهُ إِثْبَاتُ نَقْلِ نَفَرٍ قَلِيلٍ
nindex.php?page=treesubj&link=28833وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ . وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قَوْلَهُ : " وَغَيْرُ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ " كَلَامٌ بَاطِلٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، بَلْ مَوَدَّةُ هَؤُلَاءِ أَوْجَبُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ مَوَدَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَوَدَّةِ عَلَى مِقْدَارِ الْفَضْلِ ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ أَكْمَلَ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) [ سُورَةُ مَرْيَمَ : 96 ] . قَالُوا : يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى عِبَادِهِ . وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 29 ] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=907452أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : " nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ " . قِيلَ [27] : فَمِنَ الرِّجَالِ ؟ قَالَ : " أَبُوهَا " [28] .
[ ص: 107 ] وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَوْمَ السَّقِيفَةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653394بَلْ أَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[29] . وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا اسْتَفَاضَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650446لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا ، وَلَكِنْ مَوَدَّةُ الْإِسْلَامِ "
[30] . فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِمَحَبَّتِهِ وَمَوَدَّتِهِ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِينَ يُحِبُّونَ مَا أِحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ [ كَمَا أَحَبَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ]
[31] . وَالدَّلَائِلُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمَوَدَّةِ كَثِيرَةٌ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ الْمَفْضُولَ تَجِبُ مَوَدَّتُهُ ، وَإِنَّ الْفَاضِلَ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ .