الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  قال الرافضي [1] : " البرهان السادس والثلاثون : قوله تعالى : ( واركعوا مع الراكعين ) [ سورة البقرة : 43 ] من طريق أبي نعيم عن ابن عباس - رضي الله عنهما [2] - : أنها نزلت في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي خاصة [3] ، وهما أول من صلى وركع . وهذا [4] يدل على فضيلته [5] فيدل على إمامته " .

                  [ ص: 272 ] الجواب من وجوه : أحدها : أنا لا نسلم صحة هذا ، ولم يذكر دليلا على صحته .

                  الثاني : أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم والحديث .

                  الثالث : أن هذه الآية في سورة البقرة ، وهي مدنية باتفاق المسلمين ، وهي في سياق مخاطبة لبني إسرائيل ، وسواء كان الخطاب لهم [6] ، أو لهم وللمؤمنين [7] ، فهو خطاب أنزل بعد الهجرة ، وبعد أن كثر المصلون والراكعون ، ولم تنزل في أول الإسلام حتى يقال : إنها مختصة بأول من صلى وركع .

                  الرابع : أن قوله : ( مع الراكعين ) صيغة جمع ، ولو أريد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلي ; لقيل مع الراكعين ، بالتثنية . وصيغة الجمع لا يراد بها اثنان فقط باتفاق الناس ، بل إما الثلاثة فصاعدا ، وإما الاثنان فصاعدا ، وأما إرادة اثنين فقط فخلاف الإجماع .

                  الخامس : أنه قال لمريم : ( اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) [ سورة آل عمران : 43 ] ومريم كانت قبل الإسلام ، [8] فعلم أنه كان راكعون قبل الإسلام [9] ، فليس فيهم علي ، فكيف لا يكون راكعون في أول الإسلام ليس فيهم علي وصيغة الاثنين واحدة ؟ .

                  [ ص: 273 ] السادس : أن الآية مطلقة لا تخص شخصا بعينه ، بل أمر الرجل المؤمن أن يصلي مع المصلين . وقيل : المراد به الصلاة في الجماعة [10] ; لأن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع .

                  السابع : أنه لو كان المراد الركوع [11] معهما لا نقطع حكمها بموتهما [12] ، فلا يكون أحد مأمورا أن يركع مع الراكعين .

                  الثامن : أن قول القائل : [ علي ] [13] أول من صلى مع النبي  [14] - صلى الله عليه وسلم - ممنوع . بل أكثر الناس على خلاف ذلك ، وإن أبا بكر صلى قبله [15] .

                  التاسع : أنه لو كان أمرا بالركوع معه ، لم يدل ذلك على أن من ركع معه يكون هو الإمام ، فإن عليا لم يكن إماما مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يركع معه .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية