فصل .
قال الرافضي [1] : " وقال صلى الله عليه وسلم : العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، فتكون علومه أكثر من علوم غيره ، لحصول القابل الكامل [2] ، والفاعل التام [3] " .
والجواب : أن هذا من ( عدم ) [4] علم الرافضي بالحديث ; فإن هذا مثل سائر ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه أيدهم الله تعالى ، فتعلموا الإيمان والقرآن والسنن ، ويسر الله ذلك عليهم ، وكذلك [ ص: 527 ] ، فإن القرآن لم يكمل حتى صار علي نحو من ثلاثين سنة ، فإنما حفظ أكثر ذلك في كبره لا في صغره ، وقد اختلف في حفظه لجميع القرآن على قولين . لعلي
والأنبياء أعلم الخلق ، ولم يبعث الله نبيا إلا بعد الأربعين [5] ، إلا عيسى صلى الله عليه وسلم ، وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم كان مطلقا لم يكن يخص به أحدا ، ولكن بحسب استعداد الطالب ، ولهذا حفظ عنه في ثلاث سنين وبعض أخرى ما لم يحفظه غيره ، وكان اجتماع أبو هريرة به أكثر من سائر الصحابة . أبي بكر
وأما قوله [6] : " إن الناس منه استفادوا العلوم [7] " .
فهذا باطل ، فإن أهل الكوفة - التي كانت داره - كانوا قد تعلموا الإيمان ، والقرآن وتفسيره ، والفقه ، والسنة من وغيره ، قبل أن يقدم ابن مسعود علي الكوفة .
وإذا قيل : إن أبا عبد الرحمن [8] قرأ عليه ، فمعناه : عرض عليه ، وإلا فأبو عبد الرحمن كان [9] قد حفظ القرآن قبل أن يقدم علي الكوفة ، وهو [ ص: 528 ] وغيره من علماء الكوفة : مثل علقمة ، والأسود ، والحارث التيمي [10] ، ، الذي قرأ عليه وزر بن حبيش : أخذوا القرآن عن عاصم بن أبي النجود ، وكانوا يذهبون إلى ابن مسعود المدينة فيأخذون عن عمر ، ولم يأخذوا عن وعائشة كما أخذوا عن علي عمر . وعائشة
وشريح قاضيه إنما تفقه على معاذ بن جبل باليمن ، وكان يناظره في الفقه ، ولا يقلده ، وكذلك كان لا يقلده ، بل يقول له : رأيك مع عبيدة السلماني في الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك في الفرقة . عمر
وأما أهل المدينة ومكة فعلمهم أيضا ليس مأخوذا عنه ، وكذلك أهل الشام والبصرة فهذه الأمصار الخمسة : الحجازان ، والعراقان ، والشام ، هي التي خرج منها علوم النبوة من العلوم الإيمانية والقرآنية والشريعة .
وما أخذ هؤلاء عنه [11] ، فإن رضي الله عنه كان قد أرسل إلى كل مصر من يعلمهم القرآن والسنة ، وأرسل إلى أهل عمر الشام معاذ بن جبل وغيرهما ، وأرسل إلى وعبادة بن الصامت العراق ابن مسعود وغيرهما . وحذيفة بن اليمان