الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 70 ] وأما عمدتهم في النظر ، والعقليات ، فقد اعتمد متأخروهم على كتب المعتزلة ، ووافقوهم في مسائل الصفات ، والقدر ، والمعتزلة في الجملة [1] أعقل ، وأصدق ، وليس في المعتزلة من يطعن في خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان [ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ] [2] ، بل هم متفقون على تثبيت خلافة الثلاثة .

                  وأما التفضيل ، فأئمتهم ، وجمهورهم كانوا يفضلون أبا بكر ، وعمر [ رضي الله عنهما ] [3] ، وفي متأخريهم من توقف في التفصيل ، وبعضهم فضل عليا ، فصار بينهم وبين الزيدية نسب واشج [4] من جهة المشاركة في التوحيد ، والعدل ، والإمامة ، والتفضيل ، وكان قدماء المعتزلة ، [ وأئمتهم ] [5] كعمرو بن عبيد [6] ، وواصل بن عطاء ،

                  [7] وغيرهم متوقفين . [8] في عدالة [ ص: 71 ] علي ، فيقولون - أو من يقول منهم - : قد فسقت إحدى الطائفتين - إما علي ، وإما طلحة ، والزبير - لا يعينها [9] ، فإن شهد هذا ، وهذا لم تقبل شهادتهما لفسق أحدهما لا يعينه [10] ، وإن شهد علي مع شخص آخر عدل ، ففي قبول شهادة علي بينهم نزاع .

                  وكان متكلمو الشيعة كهشام بن الحكم [11] ، وهشام بن الجواليقي [12] ، ويونس بن عبد الرحمن القمي [13] ، وأمثالهم يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة ، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة ، والجماعة من [ ص: 72 ] أن [14] القرآن غير مخلوق ، وأن الله يرى في الآخرة ، وغير ذلك من مقالات أهل السنة ، [ والحديث ] [15] حتى يبتدعون في الغلو في الإثبات ، والتجسيم ، والتبعيض [16] ، والتمثيل ما هو معروف من مقالاتهم [ التي ذكرها الناس ] [17] .

                  ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب ( الآراء والديانات . ) [18] ، وأمثاله ، وجاء بعد [19] هؤلاء المفيد بن النعمان ، وأتباعه .

                  ولهذا تجد [20] . المصنفين في المقالات - كالأشعري - لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنه . وافق المعتزلة في توحيدهم ، وعدلهم إلا عن بعض متأخريهم ، وإنما يذكرون عن بعض [21] قدمائهم التجسيم ، وإثبات القدر ، وغيره ، وأول من عرف عنه في الإسلام أنه قال [22] : إن الله جسم ، [ ص: 73 ] [ هو ] [23] هشام بن الحكم ( * بل قال : الجاحظ في كتابه " الحجج في النبوة " [24] ليس على ظهرها رافضي إلا وهو يزعم أن ربه مثله ، وأن البدوات تعرض له ، وأنه لا يعلم الشيء قبل كونه إلا بعلم يخلقه لنفسه * ) [25] ، وقد كان [26] ابن الراوندي ، وأمثاله من المعروفين بالزندقة ، [ والإلحاد ] [27] صنفوا [28] لهم كتبا أيضا على أصولهم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية