الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما أحس عيسى منهم الكفر  يقول: وجد عيسى ، والإحساس: الوجود، تقول في الكلام: هل أحسست أحدا.

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك قوله: هل تحس منهم من أحد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 217 ]

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا قلت: حسست، بغير ألف فهي في معنى الإفناء والقتل. من ذلك قول الله عز وجل: إذ تحسونهم بإذنه والحس أيضا: العطف والرقة كقول الكميت :


                                                                                                                                                                                                                                      هل من بكى الدار راج أن تحس له أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل



                                                                                                                                                                                                                                      وسمعت بعض العرب يقول: ما رأيت عقيليا إلا حسست له، وحسست لغة.

                                                                                                                                                                                                                                      والعرب تقول: من أين حسيت هذا الخبر؟ يريدون: من أين تخبرته؟ [وربما قالوا حسيت بالخبر وأحسيت به، يبدلون من السين ياء] كقول أبي زبيد:


                                                                                                                                                                                                                                      حسين به فهن إليه شوس



                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقول العرب ما أحست بهم أحدا، فيحذفون السين الأولى، وكذلك في وددت، ومسست وهممت، قال: أنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      هل ينفعنك اليوم إن همت بهم     كثرة ما تأتى وتعقاد الرتم



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 218 ] وقوله: (من أنصاري إلى الله) المفسرون يقولون: من أنصاري مع الله، وهو وجه حسن. وإنما يجوز أن تجعل (إلى) موضع (مع) إذا ضممت الشيء إلى الشيء مما لم يكن معه كقول العرب: إن الذود إلى الذود إبل أي: إذا ضممت الذود إلى الذود صارت إبلا. فإذا كان الشيء مع الشيء لم تصلح مكان مع إلى، ألا ترى أنك تقول: قدم فلان ومعه مال كثير، ولا تقول في هذا الموضع: قدم فلان وإليه مال كثير. وكذلك تقول: قدم فلان إلى أهله، ولا تقول: مع أهله، ومنه قوله: ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم معناه: ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم.

                                                                                                                                                                                                                                      والحواريون كانوا خاصة عيسى. وكذلك خاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع عليهم الحواريون. وكان الزبير يقال له: حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم. وربما جاء في الحديث لأبي بكر وعمر وأشباههما حواري. وجاء في التفسير أنهم سموا حواريين لبياض ثيابهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية