الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم  

                                                                                                                                                                                                                                      المعنى لا تنسوا نعمتي، لتكن منكم على ذكر، وكذلك كل ما جاء من ذكر النعمة فإن معناه -والله أعلم- على هذا: فاحفظوا ولا تنسوا. وفي حرف عبد الله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 29 ] "ادكروا" . وفي موضع آخر: (وتذكروا ما فيه) . ومثله في الكلام أن تقول: اذكر مكاني من أبيك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما نصب الياء من نعمتي فإن كل ياء كانت من المتكلم ففيها لغتان:

                                                                                                                                                                                                                                      الإرسال والسكون، والفتح، فإذا لقيتها ألف ولام، اختارت العرب اللغة التي حركت فيها الياء وكرهوا الأخرى؛ لأن اللام ساكنة فتسقط الياء عندها لسكونها، فاستقبحوا أن يقولوا: نعمتي التي، فتكون كأنها مخفوضة على غير إضافة، فأخذوا بأوثق الوجهين وأبينهما. وقد يجوز إسكانها عند الألف واللام وقد قال الله:

                                                                                                                                                                                                                                      يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم فقرئت بإرسال الياء ونصبها، وكذلك ما كان في القرآن مما فيه ياء ثابتة ففيه الوجهان، وما لم تكن فيه الياء لم تنصب.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله: فبشر عباد الذين يستمعون القول . فإن هذه بغير ياء، فلا تنصب ياؤها وهي محذوفة، وعلى هذا يقاس كل ما في القرآن منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فما آتاني الله خير مما آتاكم زعم الكسائي أن العرب تستحب نصب الياء عند كل ألف مهموزة سوى الألف واللام، مثل قوله: إن أجري إلا على الله و إني أخاف الله . ولم أر ذلك عند العرب، رأيتهم يرسلون الياء فيقولون: عندي أبوك، ولا يقولون: عندي أبوك بتحريك الياء إلا أن يتركوا الهمز فيجعلوا الفتحة في الياء في هذا ومثله. وأما قولهم: لي ألفان، وبي أخواك كفيلان، [ ص: 30 ] فإنهم ينصبون في هذين لقلتهما، [فيقولون: بي أخواك، ولي ألفان، لقلتهما] ، والقياس فيهما وفيما قبلهما واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية