إن شئت جعلتها متصلة بقوله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا يحرفون الكلم وإن شئت كانت منقطعة منها مستأنفة، ويكون المعنى: من الذين هادوا من يحرفون الكلم. وذلك من كلام العرب: أن يضمروا (من) في مبتدإ الكلام. فيقولون: منا يقول ذلك، ومنا لا يقوله. وذلك أن (من) بعض لما هي منه، فلذلك أدت عن المعنى المتروك قال الله تبارك وتعالى:
وما منا إلا له مقام معلوم وقال وإن منكم إلا واردها وقال ذو الرمة:
فظلوا ومنهم دمعه سابق له وآخر يثني دمعة العين بالهمل
يريد: منهم من دمعه سابق. ولا يجوز إضمار (من) في شيء من الصفات إلا على المعنى الذي نبأتك به، وقد قالها الشاعر في (في) ولست أشتهيها، قال :
لو قلت ما في قومها لم تأثم يفضلها في حسب وميسم
ويروى أيضا (تيثم) لغة. وإنما جاز ذلك في (في) لأنك تجد معنى (من) أنه بعض ما أضيفت إليه ألا ترى أنك تقول فينا صالحون وفينا دون ذلك، فكأنك قلت: منا، ولا يجوز أن تقول: في الدار يقول ذلك وأنت تريد في الدار من يقول ذلك، إنما يجوز إذا أضفت (في) إلى جنس المتروك [ ص: 272 ] .
وقوله: ليا بألسنتهم يعني: ويقولون (وراعنا) يوجهونها إلى شتم محمد صلى الله عليه وسلم. فذلك اللي.
وقوله: وأقوم أي أعدل.