وقوله: ولا تطرد الذين يدعون ربهم يقول القائل: وكيف يطرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدعو ربه حتى ينهى عن ذلك؟ فإنه بلغنا أن عيينة بن حصن الفزاري دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده سلمان وبلال وأشباههم، فقال وصهيب عيينة: يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك لأتاك أشراف قومك فأسلموا. فأنزل الله تبارك وتعالى:
ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.
وقوله: كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم تكسر الألف من (أن) والتي بعدها في جوابها على الائتناف، وهي قراءة القراء .
وإن شئت فتحت الألف من (أن) تريد: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل.
ولك في (أن) التي بعد الفاء الكسر والفتح. فأما من فتح فإنه يقول: إنما يحتاج الكتاب إلى (أن) مرة واحدة ولكن الخبر هو موضعها، فلما دخلت في ابتداء [ ص: 337 ] الكلام أعيدت إلى موضعها كما قال: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون فلما كان موقع أن: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم دخلت في أول الكلام وآخره. ومثله: كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله بالفتح. ومثله: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم ولك أن تكسر (إن) التي بعد الفاء في هؤلاء الحروف على الاستئناف ألا ترى أنك قد تراه حسنا أن تقول:
" كتب أنه من تولاه فهو يضله" بالفتح. وكذلك " وأصلح فهو غفور رحيم" لو كان لكان صوابا. فإذا حسن دخول (هو) حسن الكسر.