الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك  

                                                                                                                                                                                                                                      والعوان ليست بنعت للبكر؛ لأنها ليست بهرمة ولا شابة انقطع الكلام عند قوله: ولا بكر، ثم استأنف فقال: عوان بين ذلك، والعوان يقال منه [ ص: 45 ] قد عونت. والفارض: قد فرضت، وبعضهم: قد فرضت (وأما البكر فلم) نسمع فيها بفعل. والبكر يكسر أولها إذا كانت بكرا من النساء . والبكر مفتوح أوله من بكارة الإبل. ثم قال بين ذلك و بين لا تصلح إلا مع اسمين فما زاد، وإنما صلحت مع ذلك وحده؛ لأنه في مذهب اثنين، والفعلان قد يجمعان بـ "ذلك" و"ذاك" ألا ترى أنك تقول: أظن زيدا أخاك، وكان زيد أخاك، فلا بد لكان من شيئين، ولا بد لأظن من شيئين، ثم يجوز أن تقول: قد كان ذاك، وأظن ذلك. وإنما المعنى في الاسمين اللذين ضمهما ذلك: بين الهرم والشباب. ولو قال في الكلام: بين هاتين، أو بين تينك، يريد الفارض والبكر كان صوابا، ولو أعيد ذكرهما (لم يظهر إلا بتثنية) لأنهما اسمان ليسا بفعلين، وأنت تقول في الأفعال فتوحد فعلهما بعدها، فتقول: إقبالك وإدبارك يشق علي، ولا تقول: أخوك وأبوك يزورني. ومما يجوز أن يقع عليه (بين) وهو واحد في اللفظ مما يؤدي عن الاثنين فما زاد قوله: لا نفرق بين أحد منهم ولا يجوز: لا نفرق بين رجل منهم؛ لأن أحدا لا يثنى كما يثنى الرجل ويجمع، فإن شئت جعلت أحدا في تأويل اثنين، وإن شئت في تأويل أكثر، من ذلك قول الله عز وجل: فما منكم من أحد عنه حاجزين وتقول: بين أيهم المال؟ وبين من قسم المال؟ فتجري "من" و"أي" مجرى أحد؛ لأنهما قد يكونان لواحد ولجمع. [ ص: 46 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية