وقوله: لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك
والعوان ليست بنعت للبكر؛ لأنها ليست بهرمة ولا شابة انقطع الكلام عند قوله: ولا بكر، ثم استأنف فقال: عوان بين ذلك، والعوان يقال منه [ ص: 45 ] قد عونت. والفارض: قد فرضت، وبعضهم: قد فرضت (وأما البكر فلم) نسمع فيها بفعل. والبكر يكسر أولها إذا كانت بكرا من النساء . والبكر مفتوح أوله من بكارة الإبل. ثم قال بين ذلك و بين لا تصلح إلا مع اسمين فما زاد، وإنما صلحت مع ذلك وحده؛ لأنه في مذهب اثنين، والفعلان قد يجمعان بـ "ذلك" و"ذاك" ألا ترى أنك تقول: أظن زيدا أخاك، وكان زيد أخاك، فلا بد لكان من شيئين، ولا بد لأظن من شيئين، ثم يجوز أن تقول: قد كان ذاك، وأظن ذلك. وإنما المعنى في الاسمين اللذين ضمهما ذلك: بين الهرم والشباب. ولو قال في الكلام: بين هاتين، أو بين تينك، يريد الفارض والبكر كان صوابا، ولو أعيد ذكرهما (لم يظهر إلا بتثنية) لأنهما اسمان ليسا بفعلين، وأنت تقول في الأفعال فتوحد فعلهما بعدها، فتقول: إقبالك وإدبارك يشق علي، ولا تقول: أخوك وأبوك يزورني. ومما يجوز أن يقع عليه (بين) وهو واحد في اللفظ مما يؤدي عن الاثنين فما زاد قوله: لا نفرق بين أحد منهم ولا يجوز: لا نفرق بين رجل منهم؛ لأن أحدا لا يثنى كما يثنى الرجل ويجمع، فإن شئت جعلت أحدا في تأويل اثنين، وإن شئت في تأويل أكثر، من ذلك قول الله عز وجل: فما منكم من أحد عنه حاجزين وتقول: بين أيهم المال؟ وبين من قسم المال؟ فتجري "من" و"أي" مجرى أحد؛ لأنهما قد يكونان لواحد ولجمع. [ ص: 46 ] .