وقوله: فأرسلنا عليهم الطوفان أرسل الله عليهم السماء سبتا فلم تقلع ليلا ونهارا، فضاقت بهم الأرض من تهدم بيوتهم وشغلهم عن ضياعهم، فسألوه أن يرفع عنهم، فرفع فلم يتوبوا، فأرسل الله عليهم (الجراد) فأكل ما أنبتت الأرض في تلك السنة. وذاك أنهم رأوا من غب ذلك المطر خصبا لم يروا مثله قط، فقالوا: إنما كان هذا رحمة لنا ولم يكن عذابا. وضاقوا بالجراد فكان قدر ذراع في الأرض، فسألوه أن يكشف عنهم ويؤمنوا، فكشف الله عنهم وبقي لهم ما يأكلون، فطغوا به وقالوا لن نؤمن لك فأرسل الله عليهم (القمل) وهو الدبى الذي لا أجنحة له، فأكل كل ما كان أبقى الجراد، فلم يؤمنوا فأرسل الله (الضفادع) فكان أحدهم يصبح وهو على فراشه متراكب، فضاقوا بذلك، فلما كشف عنهم لم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم [ ص: 393 ] (الدم) فتحولت عيونهم وأنهارهم دما حتى موتت الأبكار، فضاقوا بذلك وسألوه أن يكشفه عنهم فيؤمنوا، فلم يفعلوا، وكان العذاب يمكث عليهم سبتا، وبين العذاب إلى العذاب شهر، فذلك قوله آيات مفصلات ثم موسى أن يغرق فرعون، فسار وعد الله موسى من مصر ليلا. وبلغ ذلك فرعون فأتبعه- يقال في ألف ألف ومائة ألف سوى كتيبته التي هو فيها، ومجنبتيه - فأدركهم هو وأصحابه مع طلوع الشمس. فضرب موسى البحر بعصاه فانفرج له فيه اثنا عشر طريقا. فلما خرجوا تبعه فرعون وأصحابه في طريقه، فلما كان أولهم يهم بالخروج وآخرهم في البحر أطبقه الله تبارك وتعالى عليهم فغرقهم. ثم سأل موسى أصحابه أن يخرج فرعون ليعاينوه، فأخرج هو وأصحابه، فأخذوا من الأمتعة والسلاح ما اتخذوا به العجل.