الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق  

                                                                                                                                                                                                                                      [إن شئت] رفعت المصدق ونويت أن يكون نعتا للكتاب؛ لأنه نكرة، ولو نصبته على أن تجعل المصدق فعلا للكتاب لكان صوابا . وفي قراءة عبد الله في آل عمران: "ثم جاءكم رسول مصدقا" فجعله فعلا. وإذا كانت النكرة قد وصلت بشيء سوى نعتها ثم جاء النعت، فالنصب على الفعل أمكن منه إذا كانت نكرة غير موصولة؛ وذلك لأن صلة النكرة تصير كالموقتة لها، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت برجل في دارك، أو بعبد لك في دارك، فكأنك قلت: بعبدك أو بساس دابتك، فقس على هذا، وقد قال بعض الشعراء:

                                                                                                                                                                                                                                      لو كان حي ناجيا لنجا من يومه المزلم الأعصم



                                                                                                                                                                                                                                      فنصب ولم يصل النكرة بشيء وهو جائز. فأما قوله: وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا فإن نصب اللسان على وجهين أحدهما أن تضمر شيئا يقع عليه المصدق، كأنك قلت: وهذا يصدق التوراة والإنجيل لسانا عربيا (لأن التوراة والإنجيل لم يكونا عربيين) فصار اللسان العربي مفسرا. وأما الوجه الآخر فعلى ما فسرت [ ص: 56 ] لك، لما وصلت الكتاب بالمصدق أخرجت "لسانا" مما في "مصدق" من الراجع من ذكره . ولو كان اللسان مرفوعا لكان صوابا على أنه نعت وإن طال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية