الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به  

                                                                                                                                                                                                                                      وقبلها ولما وليس للأولى جواب، فإن الأولى صار جوابها كأنه في الفاء التي في الثانية، وصارت كفروا به كافية من جوابهما جميعا. ومثله في الكلام: ما هو إلا أن أتاني عبد الله فلما قعد أوسعت له وأكرمته. ومثله قوله: فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي في البقرة فمن اتبع هداي في "طه" اكتفى بجواب واحد لهما جميعا فلا خوف عليهم في البقرة فلا يضل ولا يشقى في "طه" . وصارت الفاء في قوله فمن تبع كأنها جواب لـ فإما ، ألا ترى أن الواو لا تصلح في موضع الفاء، فذلك دليل على أن الفاء جواب وليست بنسق .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فقليلا ما يؤمنون يقول القائل: هل كان لهم قليل من الإيمان أو كثير؟ ففيه وجهان من العربية: أحدهما- ألا يكونوا آمنوا قليلا ولا كثيرا. ومثله مما تقوله العرب بالقلة على أن ينفوا الفعل كله قولهم: قل ما رأيت مثل هذا قط. وحكى الكسائي عن العرب: مررت ببلاد قل ما تنبت إلا البصل والكراث أي: ما تنبت [ ص: 60 ] إلا هذين. وكذلك قول العرب: ما أكاد أبرح منزلي وليس يبرحه، وقد يكون أن يبرحه قليلا. والوجه الآخر- أن يكونوا يصدقون بالشيء قليلا ويكفرون بما سواه: بالنبي صلى الله عليه وسلم فيكونون كافرين وذلك أنه يقال: من خلقكم؟ ومن رزقكم؟ فيقولون: الله تبارك وتعالى، ويكفرون بما سواه: بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآيات الله، فذلك قوله: فقليلا ما يؤمنون. وكذلك قال المفسرون في قول الله: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون على هذا التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية