الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلم تقتلون أنبياء الله من قبل  

                                                                                                                                                                                                                                      يقول القائل: إنما تقتلون للمستقبل فكيف قال: من قبل ؟ ونحن لا نجيز في الكلام أنا أضربك أمس، وذلك جائز إذا أردت بتفعلون الماضي، [ ص: 61 ] ألا ترى أنك تعنف الرجل بما سلف من فعله فتقول: ويحك لم تكذب! لم تبغض نفسك إلى الناس! ومثله قول الله: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان .

                                                                                                                                                                                                                                      ولم يقل ما تلت الشياطين، وذلك عربي كثير في الكلام أنشدني بعض العرب:

                                                                                                                                                                                                                                      إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ولم تجدي من أن تقري بها بدا



                                                                                                                                                                                                                                      فالجزاء للمستقبل، والولادة كلها قد مضت؛ وذلك أن المعنى معروف، ومثله في الكلام: إذا نظرت في سير عمر رحمه الله لم يسئ المعنى لم تجده أساء، فلما كان أمر عمر لا يشك في مضيه لم يقع في الوهم أنه مستقبل فلذلك صلحت من قبل مع قوله: فلم تقتلون أنبياء الله من قبل وليس الذين خوطبوا بالقتل هم القتلة، إنما قتل الأنبياء أسلافهم الذين مضوا فتولوهم على ذلك ورضوا به؛ فنسب القتل إليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية