الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن سعر بن ديسم، ويقال: سعن قال: كنت في غنم لي، فجاء رجلان على بعير فقالا: إنا رسولا رسول الله إليك لتؤدي صدقة غنمك، فقلت: ما علي فيها؟ فقالا: شاة، فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة محضا وشحما، فأخرجتها إليهما فقالا: هذه شاة شافع، وقد نهانا رسول الله أن نأخذ شافعا"   .

أخبرناه ابن داسة، نا أبو داود، نا الحسن بن علي، نا وكيع، عن زكريا بن إسحاق المكي، عن عمرو بن أبي سفيان الجمحي، عن مسلم بن ثفنة اليشكري، عن سعر بن ديسم شيخ كبير، قال يحيى بن معين: هو مسلم بن شعبة، وأخطأ فيه وكيع، هكذا قال بشر بن السري وروح بن عبادة، قال: وأخطأ من هذا الحديث في موضع آخر، فقال: محضا، وإنما هو مخاضا وشحما.

وأخبرنا محمد بن هاشم، نا عبد الله بن الصقر، نا إبراهيم بن المنذر، نا عبد الله بن موسى التيمي، عن أسامة بن زيد، عن أبي مرارة الجهني، عن ابن سعن الدؤلي، عن أبيه، قال: "كنت في غنم لي فجاء رجل يعني مصدق النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: فجئته بشاة ماخض خير ما وجدت، فلما نظر إليها قال: ليس حقنا في هذه، فقلت: ففيم حقك؟ قال: في الثنية والجذعة اللجبة   .

المحض: اللبن، قال الحطيئة:


قروا جارك العيمان لما جفوته وقلص من برد الشتاء مشافره [ ص: 391 ]     سناما ومحضا أنبتا اللحم فاكتست
عظام امرئ ما كان يشبع طائره



وأما قوله: "مخاضا"  فإنه مصدر مخضت الشاة مخاضا ومخاضا، إذا دنا نتاجها، يريد أنها قد امتلأت حملا وسمنا.

ورواية إبراهيم بن المنذر تشهد لقول يحيى بن معين، والمخاض في غير هذا الإبل الحوامل واحدتها خلفة على غير قياس، كما قالوا للواحدة من النساء امرأة. واللجبة التي لا لبن لها. قال الأصمعي: هي التي أتى عليها بعد نتاجها أربعة أشهر فخف لبنها. والشافع تفسيره في الحديث هي التي في بطنها ولد، يريد أنها بولدها قد صارت شفعا.

التالي السابق


الخدمات العلمية