معناه قسمت القراءة، وسماها صلاة لأنها ركن من أركان الصلاة، وجزء من أجزائها، ووجه القسمة فيها أن نصف السورة عبادة وثناء، ونصفها مسألة ودعاء، ولم يرد به تقسيط الآي والحروف وتقسيمها قسمين على السواء، إنما هو إشارة إلى انقسام السورة للعبادة والمسألة، فتكون حقيقة القسمة بالمعنى لا باللفظ، وهذا كما يقال: نصف السنة سفر ونصفها حضر، ليس على تساوي الزمانين فيهما، لكن على انقسام الزمانين لهما وإن تفاوت مدتاهما. قوله: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي"
وقيل لشريح: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت ونصف الناس علي غضاب، يريد أن الناس من بين محكوم له ومحكوم عليه فهم حزبان مختلفان: أحدهما راض عنه، والآخر ساخط عليه، وهذا كقول الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفين شامت بموتي ومثن بالذي كنت أصنع
ومما يدل على أنه أراد قسمة المعاني لا الألفاظ قوله: فهذه بيني وبين عبدي، ولا يجوز أن تكون التلاوة بينه وبين عبده؛ لأن المتلو كلام الله ليس للعبد فيه شرك .
[ ص: 504 ] قال في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أبو سليمان كان اسم فرسه السكب. أنه
حدثنيه نا محمد بن الحسين بن إبراهيم، نا أبو عروبة، نا المسيب بن واضح، عن أبو إسحاق الفزاري، جعفر بن الحارث، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب.
قال يقال فرس سكب وهو الكثير الجري، قال الأصمعي: أبو دواد:
وقد أغدو بطرف هي كل ذي ميعة سكب
وفسره محمد بن إسحاق السهمي راوي هذا الخبر عن فقال: إنما سمي اللزاز لشدة تلززه، واللحيف لكثرة سابله، يعني ذنبه، قال: والسكب شبه لونه بلون الشقائق، قال وأنشدنا الواقدي الأصمعي:
كالسكب المحمر فوق الرابيه
قال ومن أفراس النبي صلى الله عليه المرتجز، سمي مرتجزا لحسن صهيله. وأخبرناه الواقدي: عبد الرحمن بن الأسد الفارسي، نا عن الدبري، [ ص: 505 ] عن عبد الرزاق عن معمر، ثابت، عن أنس المدينة فزعوا مرة فركب صلى الله عليه فرسا كأنه مقرف، فركض في آثارهم، فلما رجع قال: "وجدناه بحرا". أن أهل
والبحر الفرس الواسع الجري. قال يقال فرس بحر وفيض وحت وغمر. وقال الأصمعي: إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه: معناه وجدناه كثير الجري لا يفنى جريه، كما لا يفنى ماء البحر. والإقراف أن تكون الأم عربية والفحل هجينا. قال الشاعر:
فإن نتجت مهرا كريما فبالحرى وإن كان إقراف فمن قبل الفحل