جاء في الحديث: أن النبي عليه السلام أتى قومه فأضلهم.
حدثني الحسن بن خلاد قال: سمعت أبا موسى الذي يعرف بالحامض يرويه قال: ومعناه أنه وجدهم ضلالا.
تقول العرب: أتيت بني فلان فأحمدتهم أي وجدتهم محمودين، وأبخلتهم وجدتهم بخلاء. وأضللتهم وجدتهم ضلالا. قال الشاعر:
أو وجد شيخ أضل ناقته حين تولى الحجيج واندفعوا
ومن هذا قول عمرو بن معدي كرب لبني سليم: يا بني سليم قاتلناكم فما أجبناكم وهاجيناكم فما أفحمناكم، وسألناكم فما أبخلناكم يريد ما وجدناكم جبناء ولا بخلاء ولا مفحمين، وقال آخر:فأصممت عمرا وأعميته عن الجود والفخر يوم الفخار
وفي حديثه: أن خلقه كان سجية، ولم يكن تلهوقا.
[ ص: 717 ] التلهوق: التصنع في الكلام والحديث. يقال لهوق الرجل بلسانه إذا أظهر من القول ما لا يضمره بقلبه.
وفي حديثه: أبي عمير فرآه مكبوتا. أنه دخل على
أي: حزينا كمدا، ومثله المأكوم والموكوم.
وفي حديثه: أنه نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأثارب.
أراه من ثروب الشحم وهي سماحيق رقاق من الشحم تشبه الشمس بها إذا رق ضوءها عند العشي، وضعف نورها عند اقتراب غروبها، وواحد الثروب ثرب، والأثارب جمع الجمع، كأنه جمع الثرب أثرابا، ثم جمعها أثارب.
وفي حديثه أنه قال لرجل أراه من الأنصار: "أنت طيب طيب الورق". ويقال إنه قال: ذلك لعمار، يريد بالورق النسل والولد يقال: للصبيان الورق تشبيها لهم بالورق الذي يتولد من الأغصان، قال ورق القوم أحداثهم، وأنشد: ابن السكيت
ترى ورق الفتيان فيها كأنهم دراهم منها جائزات وزيف
[ ص: 718 ] ومعنى الطيب ها هنا الطاهر كقوله جل وعز: فتيمموا صعيدا طيبا : أي طاهرا.
وفي حديث: أنه لعن الركاكة.
وتفسيره الذي لا يغار على أهله، والأصل فيه الضعف أي ضعف الغيرة، من قولهم: مطر رك أي: ضعيف.
ويقال: رجل ركيك وركاكة إذا كان ضعيف العقل.
وفي حديثه أن اليهودية التي سمت رسول الله عمدت إلى سم لا يطني: أي لا يسلم منه من سم به. يقال: أفعى لا تطني أي: لا يفلت سليمها.
وفي حديثه: أنه لعن الغارفة.
يريد بالغارفة التي تجز ناصيتها عند المصيبة، يقال: غرفت ناصية الفرس إذا جززتها.
وفي حديثه: المدينة ما كان عفاء. أنه أقطع من أرض
[ ص: 719 ] قال عفاء الأرض ما كان عافيا، أي دارسا، ليس فيه لمسلم ولا لمعاهد شيء. الأصمعي:
وفي حديثه أن رجلا كان يهدي إليه كل عام راوية من خمر، فجاءه بها عام حرمت فهتها في البطحاء:
وفي رواية أخرى: "فبعها".
قوله: هتها معناه صبها فاندفعت، وهي تهت أي تحكي صوت المخنوق، وهو الهتيت. وبعها كالأول إلا أنه أكثر وأوسع. وأصله من البعاع، وهو شدة المطر. يقال بع المطر يبع بعا وبعاعا.
وفي حديثه أنه دخل المقابر فقال: "السلام عليكم، أصبتم خيرا بجيلا، وسبقتم شرا طويلا".
البجيل الضخم. يقال رجل بجيل وبجال. ومن هذا قولهم بجل فلان فلانا إذا عظمه.
وفي حديثه: الحبشة قال لهم النجاشي: امكثوا فأنتم سيوم. أن أصحابه لما هاجروا إلى أرض
تفسيره في الحديث الأمان. قالوا: السيوم: الآمنون.
وفي قصة النجاشي أيضا: أنهم لما دخلوا عليه قال: لهم نخروا.
[ ص: 720 ] أي: تكلموا ولست أدرى أهو من كلام العرب أم لا، وقد كان النجاشي مستعبدا في أرض العرب قبل أن يتملك.
وفي حديثه الحديبية: "من كان معه ثفل فليصطنع". أنه قال في غزوة
يريد بالثفل الدقيق ونحوه، مما لا يشرب فيكون سويقا أو نحوه.
وفي حديثه: أنه كان إذا نزل عليه الوحي وقظ في رأسه، واربد وجهه، ووجد بردا في أسنانه.
الوقظ لغة: في الوقذ، يريد أنه كان إذا نزل عليه الوحي ثقل رأسه من قولك: وقذت الرجل أقذه، وقد وقذته الحمى. ومنه الموقوذة التي حرمها الله في كتابه، وهي الذبيحة تضرب بخشب أو غيره مما تقتل بثقله حتى تزهق نفسها. واربد من الربدة، وهي لون إلى الكمودة والسواد.
وفيه وجه آخر، وهو أن يروى بالطاء التي هي أخت التاء. يقال: ضربه قوقطه إذا صرعه صرعة لا يقوم منها، والموقوط الصريع.
وفي حديثه: بمنى فيه عيشومة. أنه صلى في مسجد
قال العيشوم نبت، قال غيره: هو الحماض إذا يبس، قال الأصمعي: ذو الرمة:
[ ص: 721 ]
كما تناوح يوم الريح عيشوم
وأخبرني محمد بن نافع قال: قال عمي هي شجرة خضراء كأنها إذخرة. قال: وقال إسحاق بن أحمد الخزاعي: الأزرقي: فيقال له مسجد العيشومة، فيه عيشومة خضراء أبدا في الخصب والجدب.
في حديثه: حنين فارعة من الغنائم. أنه أعطى العطايا يوم
يريد أنه أعطاها من رأس الغنائم ومن أعلاها قبل أن تخمس وتقسم. وأصله من فرع الشيء إذا طال وارتفع، ورجل فارع الجسم إذا كان طويلا مشرفا.
وفي حديثه: عبد الله بن عبد المطلب مر بامرأة كانت تنظر وتعتاف فدعته أن يستبضع منها. أن
قوله: تنظر: أي تتكهن. وتعتاف من عيافة الزجر.
والاستبضاع نوع من نكاح أهل الجاهلية، وكان النكاح عندهم على أربعة أنحاء، وله موضع غير هذا يذكر فيه إن شاء الله.
وفي حديثه أنه قال: "تفتتح الأرياف فيخرج إليها الناس ثم يبعثون إلى أهليهم إنكم بأرض جردية".
الجردية منسوبة إلى الجرد، وهي كل أرض لا نبات بها ولا شجر، يقال: جردت الأرض جردا، وسنة جرداء أي قحطة.
[ ص: 722 ] وأخبرني الكراني، نا عبد الله بن شبيب، نا زكريا المنقري، نا قال: سألت امرأة من الأعراب فقالت: سنة جردت وأيد جمدت، وحال جهدت، فهل فاعل للخير أو دال عليه، رحم الله من رحم، وأقرض من لا يظلم. الأصمعي
وروى بعض أهل اللغة حديثا: إن فلانا كان حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفسره فقال: إن أشراف العرب الذين كانوا يتحمسون في دينهم إذا حج أحدهم لم يأكل إلا طعام رجل من الحرم، ولم يطف إلا في ثيابه، فكان لكل شريف من أشراف العرب رجل من قريش فكل واحد منهما حرمي صاحبه.
وفي حديثه صلى الله عليه: أهل الصفة قال: فقال: يا عائشة أطعمينا فجاءت بدشيشة فأكلناها. عائشة انطلقنا معه إلى بيت أن رجلا من
الدشيشة: لغة في الجشيشة.
[ ص: 723 ] وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: أنه خرج على صعدة يتبعها حذاقي عليها قوصف لم يبق منها إلا قرقرها.
روي ذلك عن ولم أجده في كتاب غريب الحديث له. قال: والصعدة الأتان، والحذاقي: الجحش. والقوصف: القطيفة. والقرقرة ظهرها. تم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. النضر بن شميل