528  - وقال  أبو عبيد  في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  "أنا بريء من كل مسلم مع مشرك .  
قيل : لم يا رسول الله ؟ 
قال : لا تراءى ناراهما "  [ ص: 36 ]  . 
حدثنا  أبو عبيد :  قال : حدثناه  هشيم ،  عن  إسماعيل بن أبي خالد ،  عن  قيس بن أبي حازم  يرفعه . 
قوله :  "لا تراءى ناراهما "  فيه قولان : 
أما أحدهما ، فيقول : لا يحل لمسلم أن يسكن بلاد المشركين فيكون منهم بقدر ما يرى كل واحد منهما نار صاحبه . فجعل الرؤية في الحديث للنار ولا رؤية للنار ، وإنما معناه أن تدنو هذه من هذه  [ ص: 37 ]  . 
وكان  الكسائي  يقول : العرب تقول : داري تنظر إلى دار فلان ودورنا تناظر . وتقول : إذا أخذت في طريق كذا وكذا ، فنظر إليك الجبل فخذ عن يمينه أو عن يساره فهذا كلام العرب . 
وقال الله - تبارك وتعالى - وذكر الأصنام ، فقال : والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون  وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون  فهذا وجه ، وأما الوجه الآخر فيقال : إنه أراد بقوله :  "لا تراءى ناراهما "  يريد : نار الحرب ، قال الله - عز وجل - : كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله  يقول : فناراهما مختلفتان  [ ص: 38 ]  : 
هذه تدعو إلى الله [سبحانه ] وهذه تدعو إلى الشيطان ، فكيف تتفقان ؟ وكيف يساكن المسلم المشركين في بلادهم ؟ وهذه حال هؤلاء وهؤلاء ؟ 
ويقال : إن أول هذا [كان ] أن قوما من أهل مكة  أسلموا ، فكانوا مقيمين بها على إسلامهم قبل فتح " مكة   " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم هذه المقالة فيهم ، ثم صارت للعامة . 
				
						
						
