الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
528 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "أنا بريء من كل مسلم مع مشرك .  

قيل : لم يا رسول الله ؟

قال : لا تراءى ناراهما "
[ ص: 36 ] .

حدثنا أبو عبيد : قال : حدثناه هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم يرفعه .

قوله : "لا تراءى ناراهما "  فيه قولان :

أما أحدهما ، فيقول : لا يحل لمسلم أن يسكن بلاد المشركين فيكون منهم بقدر ما يرى كل واحد منهما نار صاحبه . فجعل الرؤية في الحديث للنار ولا رؤية للنار ، وإنما معناه أن تدنو هذه من هذه [ ص: 37 ] .

وكان الكسائي يقول : العرب تقول : داري تنظر إلى دار فلان ودورنا تناظر . وتقول : إذا أخذت في طريق كذا وكذا ، فنظر إليك الجبل فخذ عن يمينه أو عن يساره فهذا كلام العرب .

وقال الله - تبارك وتعالى - وذكر الأصنام ، فقال : والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون فهذا وجه ، وأما الوجه الآخر فيقال : إنه أراد بقوله : "لا تراءى ناراهما "  يريد : نار الحرب ، قال الله - عز وجل - : كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله يقول : فناراهما مختلفتان [ ص: 38 ] :

هذه تدعو إلى الله [سبحانه ] وهذه تدعو إلى الشيطان ، فكيف تتفقان ؟ وكيف يساكن المسلم المشركين في بلادهم ؟ وهذه حال هؤلاء وهؤلاء ؟

ويقال : إن أول هذا [كان ] أن قوما من أهل مكة أسلموا ، فكانوا مقيمين بها على إسلامهم قبل فتح " مكة " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم هذه المقالة فيهم ، ثم صارت للعامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية