الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
627 - وقال " أبو عبيد " في حديث "عمر " - رضي الله عنه - : "ما بال رجال لا يزال أحدهم كاسرا وساده عند امرأة مغزية ، يتحدث إليها ، وتحدث إليه ، عليكم بالجنبة ؛ فإنها عفاف ، إنما النساء لحم على وضم ، إلا ما ذب عنه " .

قال : حدثنيه "يزيد " عن "محمد بن عمرو بن علقمة " عن "يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب " عن "أبيه" عن "عمر " .

قال "الكسائي" " والأصمعي " وغيرهما : قوله : "مغزية " : يعني التي قد غزا زوجها ، يقال : قد أغزت المرأة . إذا كان زوجها غازيا ، فهي مغزية .

وكذلك : أغابت ، فهي مغيبة : إذا غاب زوجها ، ومثل هذا في الكلام كثير [ ص: 249 ] .

وقوله : "الجنبة" ، يعني : الناحية . يقول : تنحوا عنهن ، وكلموهن من خارج الدار ، ولا تدخلوا عليهن ، وكذلك كل من كان خارجا . قيل : جنبة .

وهذا مثل حديثه الآخر : "لا يدخلن رجل على امرأة ،  وإن قيل حمؤها ، ألا [إن ] حمأها الموت " فالحمء : أبو الزوج .

قال " الأصمعي " : وفيه ثلاث لغات : هو حماها مثل قفاها ، وحموها مثل أبوها ، وحمؤها مقصور مهموز .

وقوله : "الموت" ، يقول : فلتمت ولا تفعل ذاك .

فإذا كان هذا من رأيه في أبي الزوج ، وهو محرم ، فكيف بالغريب ؟

وقال الراعي في الجنبة :


أخليد إن أباك ضاف وساده همان باتا جنبة ودخيلا [ ص: 250 ]

يقول : أحدهما باطن ، والآخر ظاهر .

وأما قوله : "إنما النساء لحم على وضم " .

قال " الأصمعي " : الوضم : الخشبة ، أو البارية التي يوضع عليها اللحم ، يقول : فهن في الضعف مثل ذلك اللحم الذي لا يمتنع من أحد ، إلا أن يذب عنه .

وقال "الكسائي" - أو غيره - : الوضم : كل ما وقيت به اللحم من الأرض .

قال : ويقال : وضمت اللحم أضمه وضما : إذا وضعته على الوضم ، فإن أردت أنك جعلت له وضما ، قلت : أوضمته إيضاما .

وقال أبو زيد : يقال : أوضمت اللحم وأوضمت له .

التالي السابق


الخدمات العلمية