( الحارث بن أسد المحاسبي ) : قال : وأما قوله تعالى : ( قول الرحمن على العرش استوى ) ( وهو القاهر فوق عباده ) ( أأمنتم من في السماء ) ( إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ) فهذه وغيرها مثل قوله : ( تعرج الملائكة والروح إليه ) ( إليه يصعد الكلم الطيب ) هذا يوجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه [ ص: 273 ] منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد أنه بنفسه فوق عباده ; لأنه قال : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) يعني فوق العرش والعرش على السماء لأن من ( قد ) كان فوق كل شيء على السماء ، في السماء وقد قال : ( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) أي على الأرض لا يريد الدخول في جوفها وكذلك قوله : ( يتيهون في الأرض ) يعني : على الأرض ، وكذلك قوله تعالى : ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) يعني : فوقها عليها ، وقال في موضع آخر : " فبين " عروج الأمر وعروج الملائكة ثم وصف وقت عروجها بالارتفاع صاعدة إليه فقال : ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) فذكر صعودها إليه ووصولها ( بقوله ) إليه كقول القائل : اصعد إلى فلان في ليلة أو يوم وذلك أنه في العلو وأن صعودك إليه في يوم فإذا صعدوا إلى العرش فقد صعدوا إلى الله عز وجل ، وإن كانوا لم يروه ولم يساووه في الارتفاع في علوه فإنهم صعدوا من الأرض وعرجوا بالأمر إلى العلو الذي الله تعالى فوقه ، وقال تعالى : ( بل رفعه الله إليه ) ولم يقل : عنده ، وقال فرعون : ( ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى ) ثم استأنف وقال : ( وإني لأظنه كاذبا ) يعني : فيما قال أن إلهه فوق السماوات فبين الله عز وجل أن فرعون ظن بموسى أنه كاذب فيما قال له ، وعمد إلى طلبه ، حيث قال له مع الظن بموسى أنه كاذب ولو أن موسى قال إنه في كل مكان بذاته لطلبه في بيته أو حشه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " ولم [ ص: 274 ] يجهد نفسه ببناء الصرح " .