فصل
قال وأما التي نزلها نعتا لأربابها : فإنها ضياء تلك السكينة الثالثة التي ذكرناها . وهي على ثلاث درجات . الدرجة الأولى : سكينة الوقار ، : رعاية ، وتعظيما ، وحضورا . سكينة الخشوع عند القيام للخدمة
سكينة الوقار هي نوع من السكينة ، ولكن لما كانت موجبة للوقار سماها الشيخ سكينة الوقار .
وقوله : نزلها نعتا يعني نزلها الله تعالى في قلوب أهلها . ونعتهم بها .
وقوله : فإنها ضياء تلك السكينة الثالثة التي ذكرناها
أي نتيجتها وثمرتها . وعنها نشأت . كما أن الضياء عن الشمس حصل .
ولما كان النور والحياة والقوة - التي ذكرناها - مما يثمر الوقار : جعل سكينة الوقار [ ص: 477 ] كالضياء لتلك السكينة . إذ هو علامة حصولها . ودليل عليها . كدلالة الضياء على حامله .
قوله : الدرجة الأولى : سكينة الخشوع عند القيام للخدمة
يريد به الوقار والخشوع الذي يحصل لصاحب مقام الإحسان .
ولما كان الإيمان موجبا للخشوع ، وداعيا إليه ، قال الله تعالى : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق . دعاهم من مقام الإيمان إلى مقام الإحسان . يعني : أما آن لهم أن يصلوا إلى الإحسان بالإيمان ؟ وتحقيق ذلك بخشوعهم لذكره الذي أنزله إليهم ؟
قوله : رعاية ، وتعظيما ، وحضورا هذه ثلاثة أمور .
تحقق الخشوع في الخدمة . وهي رعاية حقوقها الظاهرة والباطنة . فليس يضيعها خشوع ولا وقار .
الثاني : تعظيم الخدمة وإجلالها . وذلك تبع لتعظيم المعبود وإجلاله ووقاره . فعلى قدر تعظيمه في قلب العبد وإجلاله ووقاره : يكون تعظيمه لخدمته ، وإجلاله ورعايته لها .
والثالث : الحضور . وهو إحضار القلب فيها مشاهدة المعبود كأنه يراه .
فهذه الثلاثة تثمر له سكينة الوقار والله سبحانه أعلم .