ولما دنا العدو وتواجه القوم ، ، فقام أن الله قد أوجب الجنة لمن استشهد في سبيله عمير بن الحمام ، فقال : يا رسول الله ، جنة عرضها السماوات والأرض ؟ قال : ( " نعم " . قال : بخ بخ يا رسول الله ، قال : ما يحملك على قولك بخ بخ ؟ قال : لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها ، قال : " فإنك من أهلها " قال : فأخرج [ ص: 163 ] تمرات من قرنه ، فجعل يأكل منهن ، ثم قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه ، إنها لحياة طويلة ، فرمى بما كان معه من التمر ، ثم قاتل حتى قتل . فكان أول قتيل ) . قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، فوعظهم ، وذكرهم بما لهم في الصبر والثبات من النصر والظفر العاجل ، وثواب الله الآجل ، وأخبرهم
وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه من الحصباء ، فرمى بها وجوه العدو ، فلم تترك رجلا منهم إلا ملأت عينيه ، وشغلوا بالتراب في أعينهم ، وشغل المسلمون بقتلهم ، فأنزل الله في شأن هذه الرمية على رسوله : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) [ الأنفال : 17 ] .
وقد ظن طائفة أن الآية دلت على نفي الفعل عن العبد ، وإثباته لله ، وأنه هو الفاعل حقيقة ، وهذا غلط منهم من وجوه عديدة مذكورة في غير هذا الموضع . ومعنى الآية : أن الله سبحانه أثبت لرسوله ابتداء الرمي ، ونفى عنه الإيصال الذي لم يحصل برميته فالرمي يراد به الحذف والإيصال ، فأثبت لنبيه الحذف ، ونفى عنه الإيصال .