وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين وكان أول من عرفه تحت المغفر ، فصاح بأعلى صوته يا معشر المسلمين ، أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إليه أن اسكت ، واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه ، وفيهم كعب بن مالك أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، والحارث بن الصمة الأنصاري ، وغيرهم ، فلما استندوا إلى الجبل ، أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف على جواد له يقال له : العوذ ، زعم عدو الله أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما اقترب منه ، تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ، فطعنه بها ، فجاءت في ترقوته ، فكر عدو الله منهزما ، فقال له المشركون : والله ما بك من بأس ، فقال : والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز ، لماتوا أجمعون ، وكان يعلف فرسه بمكة ويقول : أقتل عليه محمدا ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ) ، فلما طعنه تذكر عدو الله قوله : أنا قاتله ، فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح ، فمات منه في طريقه بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى بسرف مرجعه إلى مكة .
[ ص: 179 ] وجاء علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء ليشرب منه ، فوجده آجنا ، فرده وغسل عن وجهه الدم ، وصب على رأسه . فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هنالك ، فلم يستطع لما به ، فجلس طلحة تحته حتى صعدها ، وحانت الصلاة ، فصلى بهم جالسا ، وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار .