فصل
الحديبية ، وقد وهم فيها جماعة من أهل المغازي والسير ، فذكروا أنها كانت قبل وهذه الغزوة كانت بعد الحديبية ، والدليل على صحة ما قلناه ما رواه الإمام أحمد عن والحسن بن سفيان ، قال : حدثنا أبي بكر بن أبي شيبة هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عكرمة بن عمار عن أبيه ، قال : قدمت إياس بن سلمة المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ورباح بفرس لطلحة أنديه مع الإبل ، فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة [ ص: 250 ] على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها ) ، وساق القصة رواها خرجت أنا في " صحيحه " بطولها . ووهم مسلم في " سيرته " في ذلك وهما بينا ، فذكر غزاة عبد المؤمن بن خلف بني لحيان بعد قريظة بستة أشهر ، ثم قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لم يمكث إلا ليالي حتى أغار عبد الرحمن بن عيينة ، وذكر القصة .
والذي أغار عبد الرحمن ، وقيل : أبوه عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، فأين هذا من قول سلمة قدمت المدينة زمن الحديبية ؟
وقد ذكر عدة سرايا في سنة ست من الهجرة قبل الواقدي الحديبية ، فقال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول - أو قال الآخر - سنة ست من قدومه المدينة في أربعين رجلا إلى الغمر ، وفيهم عكاشة بن محصن الأسدي ثابت بن أقرم ، وسباع بن وهب ، فأجد السير ، ونذر القوم بهم ، فهربوا ، فنزل على مياههم ، وبعث الطلائع ، فأصابوا من دلهم على بعض ماشيتهم ، فوجدوا مائتي بعير ، فساقوها إلى المدينة .
وبعث سرية إلى ذي القصة ، فساروا ليلتهم مشاة ، ووافوها مع الصبح ، فأغاروا عليهم ، فأعجزوهم هربا في الجبال ، وأصابوا رجلا واحدا ، فأسلم . أبي عبيدة بن الجراح
[ ص: 251 ] وبعث محمد بن مسلمة في ربيع الأول في عشرة نفر سرية ، فكمن القوم لهم حتى ناموا ، فما شعروا إلا بالقوم ، فقتل أصحاب محمد بن مسلمة ، وأفلت محمد جريحا .