وتوسطوا في المعشرات بين أهل الحجاز   وأهل العراق     . 
فإن أهل العراق   ،   كأبي حنيفة     : يوجبون العشر في كل ما أخرجت الأرض إلا القصب  ونحوه في القليل والكثير منه ، بناء على أن العشر حق الأرض كالخراج ، ولهذا لا يجمعون بين العشر والخراج . 
وأهل الحجاز     : لا يوجبون العشر إلا في النصاب المقدر بخمسة أوسق ، ووافقهم عليه  أبو يوسف  ومحمد  ، ولا يوجبون من الثمار  إلا في التمر والزبيب ، وفي الزروع في الأقوات ، ولا يوجبون في عسل  ولا غيره .  والشافعي  على مذهب أهل الحجاز     . 
وأما  أحمد  وغيره من فقهاء الحديث : فيوافقون في النصاب قول أهل  الحجاز   ؛ لصحة السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بأنه ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ، ولا يوجبون الزكاة في الخضراوات  لما في الترك من عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وخلفائه والأثر عنه ، لكن يوجبها في الحبوب والثمار التي   [ ص: 133 ] تدخر ، وإن لم تكن تمرا أو زبيبا ، كالفستق والبندق جعلا للبقاء في المعشرات بمنزلة الحول في الماشية والجرين . فيفرق بين الخضراوات وبين المدخرات . وقد يلحق بالموسق الموزونات ، كالقطن على إحدى الروايتين ، لما في ذلك من الآثار عن الصحابة - رضي الله عنهم - . 
ويوجبها في العسل لما فيه من الآثار التي جمعها هو ، وإن كان غيره لم تبلغه إلا من طريق ضعيفة ، وتسوية بين جنس ما أنزله الله من السماء وما أخرجه من الأرض . 
ويجمعون بين العشر والخراج ؛ لأن العشر حق الزرع ، والخراج حق الأرض ، وصاحبا   أبي حنيفة  قولهما هو قول  أحمد  أو قريب منه . 
				
						
						
