( 1304 ) فصل : أن يقصد الخطيب تلقاء وجهه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، ولأنه أبلغ في سماع الناس ، وأعدل بينهم ، فإنه لو التفت إلى أحد جانبيه لأعرض عن الجانب الآخر ، ولو خالف هذا ، واستدبر الناس ، واستقبل القبلة ، صحت الخطبة ; لحصول المقصود بدونه ، فأشبه ما لو أذن غير مستقبل القبلة . ومن سنن الخطبة
[ ص: 78 ] ويستحب أن يرفع صوته ; ليسمع الناس . قال : { جابر } . ويستحب تقصير الخطبة ; لما روى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ، ويقول : أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ، قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { عمار } . وقال إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته مئنة من فقهه ، فأطيلوا الصلاة ، واقصروا الخطبة : { جابر بن سمرة } ، روى هذه الأحاديث كلها كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت صلاته قصدا ، وخطبته قصدا . وعن مسلم ، قال : { جابر بن سمرة } . رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة ، إنما هي كلمات يسيرات أبو داود .
ويستحب أن يعتمد على قوس ، أو سيف ، أو عصا ; لما روى الحكم بن حزن الكلفي قال : { } رواه وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أو قوس ، فحمد الله ، وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات . أبو داود . ولأن ذلك أعون له ; فإن لم يفعل ، فيستحب أن يسكن أطرافه ، إما أن يضع يمينه على شماله ، أو يرسلهما ساكنتين مع جنبيه .
ويستحب أن يبدأ بالحمد قبل الموعظة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، ولأن كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ، ثم يثني بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعظ .
فإن عكس ذلك صح ; لحصول المقصود منه . ويستحب أن يكون في خطبته مترسلا ، مبينا ، معربا ، لا يعجل فيها ، ولا يمططها ، وأن يكون متخشعا ، متعظا بما يعظ الناس به ; لأنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } عرض علي قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقيل لي : هؤلاء خطباء من أمتك يقولون ما لا يفعلون .