( 3259 ) فصل : فأما آدم ، فقال بنو : أكره قرضهم . فيحتمل كراهية تنزيه ، ويصح قرضهم ، وهو قول أحمد ، ابن جريج ; لأنه مال يثبت في الذمة سلما ، فصح قرضه ، كسائر الحيوان . ويحتمل أنه أراد كراهة التحريم ، فلا يصح قرضهم . اختاره والمزني ; لأنه لم ينقل قرضهم ، ولا هو من المرافق . ويحتمل صحة القاضي دون الإماء . وهو قول قرض العبيد مالك ، إلا أن يقرضهن من ذوي محارمهن ، لأن الملك بالقرض ضعيف ، فإنه لا يمنعه من ردها على المقرض ، فلا يستباح به الوطء ، كالملك في مدة الخيار ، وإذا لم يبح الوطء لم يصح القرض ، لعدم القائل بالفرق ، ولأن الأبضاع مما يحتاط لها ، ولو أبحنا قرضهن ، أفضى إلى أن الرجل يستقرض أمة ، فيطؤها ثم يردها من يومه ، ومتى احتاج إلى وطئها ، استقرضها فوطئها ثم ردها ، كما يستعير المتاع ، فينتفع به ثم يرده . والشافعي
ولنا ، أنه عقد ناقل للملك فاستوى فيه العبيد والإماء كسائر العقود ولا نسلم ضعف الملك ; فإنه مطلق لسائر التصرفات ، بخلاف الملك في مدة الخيار . وقولهم : متى شاء المقترض ردها . ممنوع ; فإننا إذا قلنا : الواجب رد [ ص: 210 ] القيمة . لم يملك المقترض رد الأمة ، وإنما يرد قيمتها ، وإن سلمنا ذلك ، لكن متى قصد المقترض هذا لم يحل له فعله ، ولا يصح اقتراضه ، كما لو اشترى أمة ليطأها ثم يردها بالمقابلة أو بعيب فيها ، وإن وقع هذا بحكم الاتفاق ، لم يمنع الصحة ، كما لو وقع ذلك في البيع ، وكما لو أسلم جارية في أخرى موصوفة بصفاتها ، ثم ردها بعينها عند حلول الأجل .
ولو ثبت أن القرض ضعيف لا يبيح الوطء ، لم يمنع منه في الجواري ، كالبيع في مدة الخيار . وعدم القائل بالفرق ليس بشيء ، على ما عرف في مواضعه . وعدم نقله ليس بحجة ; فإن أكثر الحيوانات لم ينقل قرضها ، وهو جائز .