( 7652 ) فصل : لما روى الإمام ويجوز أن يشرط عليهم في عقد الذمة ، ضيافة من يمر بهم من المسلمين ، بإسناده عن أحمد أن الأحنف بن قيس شرط عليهم ضيافة يوم وليلة ، وأن يصلحوا القناطر ، وإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته ، قال عمر وروي عن ابن المنذر أنه قضى على عمر أهل الذمة ، ضيافة من يمر بهم من المسلمين ثلاثة أيام ، وعلف دوابهم ، وما يصلحهم .
وروي { أيلة ثلاثمائة دينار ، وكانوا ثلاثمائة نفس ، في كل سنة ، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثة أيام ، } ولأن في هذا ضربا من المصلحة ، لأنهم ربما امتنعوا من مبايعة المسلمين إضرارا بهم ، فإذا شرطت عليهم الضيافة أمن ذلك ، وإن لم تشترط الضيافة عليهم ، لم تجب ، ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصارى وهو مذهب القاضي . الشافعي
ومن أصحابنا من قال : تجب بغير شرط ، كوجوبها على المسلمين ، والأول أصح ، لأنه أداء مال ، فلم يجب بغير رضاهم ، كالجزية ، فإن شرطها عليهم ، فامتنعوا من قبولها ، لم تعقد لهم الذمة ، وقال : لا يجوز قتالهم عليها . ولنا أنه شرط سائغ ، امتنعوا من قبوله ، فقوتلوا عليه كالجزية . الشافعي
( 7653 ) فصل : ذكر ، أنه إذا شرط الضيافة ، فإنه يبين أيام الضيافة ، وعدد من يضاف من الرجالة والفرسان ، فيقول : تضيفون في كل سنة مائة يوم عشرة من المسلمين ، من خبز كذا وأدم كذا ، وللفرس من التبن كذا ، ومن الشعير كذا فإن شرط الضيافة مطلقا ، صح في الظاهر ، لأن القاضي رضي الله عنه شرط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين ، من غير عدد ولا تقدير . عمر
قال أبو بكر : إذا أطلق فالواجب يوم وليلة ، لأن ذلك الواجب على المسلمين ، ولا يكلفون الذبيحة ، ولا ضيافتهم بأرفع من طعامهم ، لأنه يروى عن مدة الضيافة أنه شكا إليه [ ص: 270 ] عمر أهل الذمة أن المسلمين يكلفونهم الذبيحة ، فقال : أطعموهم مما تأكلون . وقال الأوزاعي ولا يكلفون الذبيحة ولا الشعير .
وقال : إذا وقع الشرط مطلقا لم يلزمهم الشعير ، ويحتمل أن يلزمهم ذلك للخيل ، لأن العادة جارية به ، فهو كالخبز للرجل . القاضي
وللمسلمين النزول في الكنائس والبيع ، فإن رضي الله عنه صالح أهل عمر الشام على أن يوسعوا أبواب بيعهم وكنائسهم لمن يجتاز بهم من المسلمين ، ليدخلوها ركبانا ، فإن لم يجدوا مكانا ، فلهم النزول في الأفنية وفضول المنازل ، وليس لهم تحويل صاحب المنزل منه . والسابق إلى منزل أحق به ممن يأتي بعده فإن امتنع بعضهم من القيام بما شرط ، أجبر عليه ، فإن امتنع الجميع ، أجبروا ، فإن لم يمكن إلا بالمقاتلة ، قوتلوا ، فإن قاتلوا فقد نقضوا العهد .
( 7654 ) فصل : ، لما روي أن عمر رضي الله عنه كتب في الجاهلية لراهب من أهل وتقسم الضيافة بينهم على قدر جزيتهم فإن جعل الضيافة مكان الجزية ، جاز الشام : إنني إن وليت هذه الأرض ، أسقطت عنك خراجك . فلما قدم الجابية وهو أمير المؤمنين جاءه بكتابه ، فعرفه ، وقال : إنني جعلت لك ما ليس لي ، ولكن اختر ، إن شئت أداء الخراج ، وإن شئت أن تضيف المسلمين ، فاختار الضيافة ويشترط عليه ضيافة يبلغ قدرها أقل الجزية ، إذا قلنا : الجزية مقدرة الأقل . لئلا ينقص خراجه عن أقل الجزية .
وذكر أن من الشروط الفاسدة اشتراط الاكتفاء بضيافتهم عن جزيتهم ; لأن الله تعالى أمر بقتالهم ممدودا إلى إعطاء الجزية ، فإن لم يعطها ، كان قتالهم مباحا ، ووجه الأول اشتراط مال ، يبلغ قدر الجزية ، فجاز ، كما لو شرط عليهم عدل الجزية مغافر .