1233 - مسألة : 
ولا يجوز ضمان مال لم يجب بعد  ، كمن قال لآخر : أنا أضمن لك ما تستقرضه من فلان ، أو قال له : اقترض من فلان دينارا وأنا أضمنه عنك ، أو قال له : أقرض فلانا دينارا وأنا أضمنه لك - وهو قول  ابن أبي ليلى   ومحمد بن الحسن  ،  والشافعي  ،  وأبي سليمان  ، لأنه شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل .  [ ص: 405 ] ولأن الضمان عقد واجب ، ولا يجوز الواجب في غير واجب ، وهو التزام ما لم يلزم بعد ، وهذا محال وقول متفاسد ، وكل عقد لم يلزم حين التزامه فلا يجوز أن يلزم في ثان ، وفي حين لم يلتزم فيه ، وقد لا يقرضه ما قال له . 
وقد يموت القائل لذلك قبل أن يقرضه ما أمره بإقراضه . فصح بكل هذا أنه لا يلزم ذلك القول . 
فإن قال له : أقرضني كذا وكذا وادفعه إلى فلان ، أو زن عني لفلان كذا وكذا ، أو أنفق ، عني في أمر كذا فما أنفقت فهو علي ، أو ابتع لي أمر كذا - فهذا جائز لازم ، لأنها وكالة وكله بما أمره به . 
وأجاز ما ذكرنا بطلانه :  أبو حنيفة  ،  وأبو يوسف  ،  ومالك   وعثمان البتي    . 
واحتج لهم بعض الممتحنين بتقليدهم { بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى  زيد بن حارثة  جيش الأمراء ، فإن مات ، فالأمير  جعفر بن أبي طالب  ، فإن مات ، فالأمير  عبد الله بن رواحة    } . 
قال : فكما تجوز المخاطرة في الولايات فهي جائزة في الضمان . 
قال  أبو محمد    : وهذا قياس والقياس كله باطل ، ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل ، لأنه لا نسبة بين الولاية وبين الضمان ، ولا نسبة بين الوكالة وبين الضمان ، لأن الولاية فرض على المسلمين إلى يوم القيامة ، وليس الضمان فرضا - وأما الوكالة فحكم على حياله جاء به النص . 
ثم نسألهم عمن قال : أنا أضمن لك ما أقرضته زيدا ثم مات فأقرض المقول له ذلك زيدا ما أمره به ؟ أيلزمونه ذلك بعد موته ؟ فهذا عجب أم لا يلزمونه ؟ فقد تركوا قولهم الفاسد ، ورجعوا إلى الحق ، ولئن لزمه ضمان ذلك في ذمته في حياته ، فهو لازم له في ماله ولا بد بعد موته من رأس ماله . 
ونسألهم عمن ضمن كل ما يتداين به زيد إلى انقضاء عمره ؟ فإن ألزموه ذلك كان شنعة من القول ، وإن لم يلزموه تناقضوا . 
ونقول لهم : كما لم يجز الغرر والمخاطرة في البيوع ، ولا جاز إصداق ما لم يخلق بعد ، فكذلك لا يجوز ضمان ما لم يلزم بعد .  [ ص: 406 ] فهذا أصح من قياسهم على الإمارة ، والوكالة ، والدلائل هاهنا على بطلان قولهم تكثر جدا - وفيما ذكرنا كفاية . 
				
						
						
