[ ص: 420 ] مسألة :
وفرض على كل آخذ حظه من المقسوم أن يعطي منه من حضر القسمة من ذوي قربى أو مسكين ما طابت به نفسه ، ويعطيه الولي عن الصغير ، والمجنون ، والغائب ، لقول الله تعالى : { وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } .
وأمر الله تعالى فرض حتى يأتي نص ثابت بأنه ليس فرضا وإلا فقول من قال : لا يلزم إنفاذ أمر الله تعالى لخصوص ادعاه ، أو نسخ زعمه ، أو لندب أطلقه بظنه قول ساقط مردود فاسد فاحش ، إلا أن يخبرنا بشيء من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعا وطاعة ، لأنه المبلغ عن الله تعالى أحكامه ، وأما من دونه فلا .
روينا من طريق نا سعيد بن منصور عن هشيم - يونس - هو ابن عبيد ، ومنصور بن المعتمر والمغيرة بن مقسم قال ، يونس ومنصور عن الحسن ، وقال المغيرة : عن ، ثم اتفق إبراهيم الحسن ، قالا جميعا في قول الله تعالى : { وإبراهيم وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } هي محكمة وليست بمنسوخة .
وبه إلى عن هشيم - عن عوف - هو ابن أبي جميلة قال : كانوا [ ص: 421 ] يرضخون لهم إذا حضر أحدهم القسمة ، ابن سيرين أدرك الصحابة رضي الله عنهم . وابن سيرين
ومن طريق أحمد بن محمد بن إسماعيل الصفار النحوي نا جعفر بن مجاشع نا إبراهيم بن إسحاق نا عبد الله نا نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان - هو الثوري - ابن أبي نجيح عن { مجاهد وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } قال : هي واجبة عند قسمة الميراث ما طابت به أنفسهم .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري في هذه الآية قال : هي محكمة ما طابت به أنفسهم عند أهل الميراث ، فإن قيل : قد روي عن الضحاك ، وابن المسيب أنها منسوخة ، وقال قوم : إنها ندب ؟ قلنا : أما الاحتجاج بقول وابن عباس ، ابن المسيب والضحاك فقول يستغنى عن تكلف الرد عليه بأكثر من إيراده فكيف وقد خالفهما : الحسن ، ، وابن سيرين ، والنخعي والزهري ، ، وغيرهم ؟ وأما ومجاهد فما قول أحد حجة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وقد جاء عن ابن عباس خلاف هذا ؟ كما روينا من طريق ابن عباس أحمد بن محمد بن إسماعيل الصفار النجوي نا نا بكر بن سهل أبو صالح نا عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة عن { ابن عباس وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } قال : أمر الله عز وجل عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم ويتاماهم ومساكينهم من الوصية ، فإن لم تكن وصية وصل لهم من الميراث ، وقد حكم بهذه الآية في ميراث عبد الرحمن بن أبي بكر بعلم عائشة أم المؤمنين فلم تنكر ذلك .
ولا عجب أعجب ممن يأتي إلى ما قد صح عن من أن قول الله تعالى : { ابن عباس فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } منسوخ بقوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } فلا يلتفت إليه - وهو قول قد صح برهانه بإنكار الله تعالى حكم الجاهلية .
وكل ما خالف دين الإسلام فهو حكم جاهلية سواء كان مفترى من أهله أو كان من عند الله تعالى ثم نسخه بغيره ، كالصلاة إلى بيت المقدس ، وتربص المتوفى عنها حولا ، والتزام السبت ، وغير ذلك ، ثم يأتي فيحتج بقول جاء عن في هذه الآية قد [ ص: 422 ] جاء عنه خلافه ، وهذا هو اتباع الهوى والتحكم بالباطل في دين الله عز وجل ; ولئن كان قول ابن عباس المختلف عنه فيه هاهنا حجة فأحرى أن يكون حجة حيث لم يختلف عنه ، وإن كان ليس قوله هنالك حجة فليس هاهنا حجة . ابن عباس
ثم إن قول القائل : هذه الآية منسوخة أو غير واجبة قول لا يحل اتباعه لأنه دعوى بلا برهان ونهي عن اتباع أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه السلام بلا برهان أو إباحة لمخالفتهما كذلك ، وكل ذلك باطل متيقن إلا بنص ثابت من قرآن ، أو سنة - وبالله تعالى التوفيق .