العمرى والرقبى 1650 - مسألة : : هبة صحيحة تامة ، يملكها المعمر والمرقب ، كسائر ماله ، يبيعها إن شاء ، وتورث عنه ، ولا ترجع إلى المعمر ولا إلى ورثته - سواء اشترط أن ترجع إليه أو لم يشترط - وشرطه لذلك ليس بشيء . العمرى ، والرقبى
والعمرى هي أن يقول : هذه الدار ، وهذه الأرض ، أو هذا الشيء عمرى لك ، أو قد أعمرتك إياها ، أو هي لك عمرك - أو قال : حياتك ، أو قال : رقبى لك ، أو قد أرقبتكها - كل ذلك سواء .
وهو قول ، أبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهم وبعض أصحابنا ; وهو قول طائفة من السلف - : كما روينا من طريق وأحمد نا وكيع شريك عن عبد الله بن محمد ابن الحنفية عن أبيه قال : قال : العمرى بتات ، ومن خير فقد طلق . علي بن أبي طالب
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عمرو بن دينار عن عن طاوس حجر المدري عن قال : العمرى للوارث . زيد بن ثابت
ومن طريق عن معمر عن أيوب السختياني سأل رجل نافع عمن أعطى ابنا له بعيرا حياته ؟ فقال ابن عمر : هو له حياته وموته . ابن عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن طاوس قال : من أعمر شيئا فهو له . ابن عباس
ومن طريق نا ابن أبي شيبة يحيى بن سعيد عن عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن طاوس قال : العمرى ، والرقبى سواء . ابن عباس
ومن طريق نا وكيع عن شعبة عن ابن نجيح قال : قال مجاهد : العمرى ، والرقبى سواء [ ص: 131 ] وصح أيضا عن علي بن أبي طالب في أحد قوليه : من أعمر شيئا فهو له أبدا - وعن جابر بن عبد الله ، شريح ، وقتادة ، وعطاء بن أبي رباح ، ومجاهد ، وطاوس . وإبراهيم النخعي
روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا نا هشيم المغيرة بن مقسم قال : سألت عمن أسكن آخر دارا حياته فمات المسكن والمسكن قال : ترجع إلى ورثة المسكن فقلت : أليس يقال : من ملك شيئا حياته فهو لورثته من بعده فقال إبراهيم النخعي : إنما ذلك في العمرى وأما السكنى والغلة ، والخدمة ، فإنها ترجع إلى صاحبها وهو قول إبراهيم ، سفيان الثوري ، والحسن بن حي والأوزاعي ، ; وأحد قولي ووكيع الزهري ، إلا أن ، عطاء والزهري قالا : إن جعل العمرى بعد المعمر في وجه من وجوه البر ، أو لإنسان آخر غير نفسه : نفذ ذلك كما جعله .
وقالت طائفة : العمرى : هبة صحيحة إذا أعمرها له ولعقبه ، فأما إن لم يقل : له ولعقبه ، فهي راجعة إلى المعمر ، أو إلى ورثته إذا مات المعمر - وهو قول صح عن ، جابر بن عبد الله ، وأحد قولي وعروة بن الزبير الزهري - وبه يقول ، وبعض أصحابنا وقالت طائفة : العمرى راجعة إلى المعمر ، أو إلى ورثته على كل حال ، فإن قال : أعمرتك هذا بشيء لك ولعقبك : كانت كذلك ، فإذا انقرض المعمر وعقبه : رجعت إلى المعمر ، أو إلى ورثته - وهو قول روي عن أبو ثور القاسم بن محمد ، - وهو قول ويحيى بن سعيد الأنصاري ، مالك قال والليث : فنظرنا فيما احتج به من ذهب مذهب أبو محمد ، فوجدناهم يذكرون قول الله تعالى : { مالك هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } وقال تعالى : { إنا نحن نرث الأرض ومن عليها } قالوا : فكان كذلك كل من أعمر عمرى وذكروا الخبر { } [ ص: 132 ] وادعوا ما رويناه من طريق المسلمون عند شروطهم بلغني عن ابن وهب " أن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عائشة أم المؤمنين كانت تعمر بني أخيها حياتهم ، فإذا انقرض أحدهم قبضت مسكنه ، فورثنا نحن ذلك كله اليوم عنها ، ما نعلم لهم شيئا غير هذا أصلا ، وكله لا حجة لهم فيه - : أما خبر عائشة رضي الله عنها فباطل ، وهذه آفة المرسل ، والذي لا شك فيه أن ، وأباه عبد الرحمن بن القاسم القاسم ، وجده محمدا ، لم يرثوا ، ولا صار إليهم بالميراث عنها قيمة خردلة ; لأن عائشة محمدا قتل في حياتها قبل موتها بنحو عشرين سنة ، وإنما ورثها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فقط ; لأنه كان ابن شقيقها ، فحجب ، وقد ذكرنا ذلك في " باب هبة المشاع " قبل هذا الباب بأوراق ولو صح ذلك عنها لكان قد خالفها القاسم بن محمد ، ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر ، وزيد بن ثابت على ما أوردنا آنفا . وأما { وعلي بن أبي طالب } فخبر فاسد ; لأنه إما عن المسلمون عند شروطهم كثير بن زيد - وهو هالك - وإما مرسل ، ثم لو صح لكانوا أول مخالفين له ; لأنهم يبطلون من شروط الناس أكثر من ألف شرط : كمن باع بشرط أن يقيله إلى يومين .
وكمن باع أمة بشرط أن لا يبيعها .
وكمن باع بخيار إلى عشرين سنة .
وكمن نكح على أن تنفق هي عليه - وغير ذلك .
فكيف وهذا الشرط - يعني رجوع العمرى إلى المعمر أو إلى ورثته - : شرط قد جاءت السنة نصا بإبطاله ، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى - واحتجاجهم بالآية هاهنا أبعد شيء من التوفيق لوجوه - : أولها - أنهم قاسوا حكم الناس على حكم الله تعالى فيهم وهذا باطل ; لأن الله تعالى يقتل الناس ولا ملامة عليه ، ويجيعهم ، ويعذبهم بالمرض ، ولا ملامة عليه ، ولا يجوز عند أحد قياس المخلوق على الخالق .
وثانيها - أنهم موهوا وقلبوا لنا الآية ، لأننا لم ننازعهم فيمن أعمر آخر مالا له ولم [ ص: 133 ] يقل الله تعالى قد أعمرتكم الأرض إنما قال : إنه استعمرنا فيها ، بمعنى أنه عمرنا بالبقاء فيها مدة ، وليس هذا من العمرى في ورد ولا صدر .
وثالثها - أن هذه الآية لو جعلناها حجة عليهم ، لكان ذلك أوضح مما موهوا به وهو أن الله تعالى - بلا شك - أباح لنا بيع ما ملكنا من الأرض ، وجعلها لورثتنا بعدنا ، وهذا هو قولنا في العمرى لا قولهم ، فظهر فساد ما يأتون به علانية ، وبطل هذا القول يقينا ، وهذا مما خالفوا فيه كل ما صح عن الصحابة رضي الله عنهم ، وجمهور العلماء ، ومرسلات كثيرة .
ثم نظرنا في القول الثاني الذي هو قول ، عروة ، فوجدناهم يحتجون بما روينا من طريق وأبي ثور عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول : هي لك ولعقبك ، فأما إذا قال : هي لك ما عشت ، فإنها ترجع إلى صاحبها . جابر
قال : لم نجد لهم حجة غير هذا ، ولا حجة لهم فيه ، لأن المسند منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو { أبو محمد } وأما باقي لفظ الخبر فمن كلام أن العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك - ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خالف جابر هاهنا جابرا ابن عباس ، وغيرهما كما ذكرنا قبل فإنما في هذا الخبر حكم العمرى إذا قال المعمر : " هي لك ولعقبك " فقط وبقي حكمه إذا لم يقل هذا الكلام لا ذكر له في هذا الخبر ، فوجب طلبه من غيره - وبالله تعالى التوفيق . وابن عمر
فسقط هذا القول أيضا ، فلم يبق إلا قولنا - : فوجدنا ما روينا من طريق نا مسلم محمد بن نافع نا عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب ابن شهاب عن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جابر بن عبد الله } قال من أعمر عمرى له ولعقبه فهي له بتلة ولا يجوز للمعطي فيها شرط ولا ثنيا : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ، فقطعت المواريث شرطه . ومن طريق أبو سلمة أبي داود نا نا أحمد بن أبي الحواري - عن [ ص: 134 ] الوليد - هو ابن مسلم الأوزاعي عن الزهري عن عن عروة بن الزبير " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { جابر بن عبد الله } . من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه
ومن طريق أحمد بن شعيب نا - عن إسماعيل - هو ابن علية محمد - هو ابن عمرو بن علقمة - عن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } . لا عمرى فمن أعمر شيئا فهو له
ومن طريق نا سعيد بن منصور عن أبو معاوية محمد بن عمرو بن علقمة عن مثله مرسلا . ومن طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أبي داود نا النفيلي - هو عبد الله بن محمد - قال : قرأت على معقل عن عمرو بن دينار عن عن طاوس حجر المدري عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { زيد بن ثابت } . من أعمر شيئا فهو لمعمره حياته ومماته ولا ترقبوا فمن أرقب شيئا فهو سبيله
قال : هكذا رويناه بضم الميم الأولى من " علي " وفتح الميم الثانية . معمر
ومن طريق أحمد بن شعيب نا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جابر بن عبد الله } . لا ترقبوا ولا تعمروا فمن أرقب شيئا فهو لورثته
ومن طريق أحمد بن شعيب نا نا أحمد بن حرب عن أبو معاوية حجاج - هو ابن محمد - عن عن أبي الزبير عن طاوس قال : قال " رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } . العمرى لمن أعمرها والرقبى لمن أرقبها والعائد في هبته كالعائد في قيئه
[ ص: 135 ] فهذه آثار متواترة ، زائدة على ما في رواية فلم يسع أحدا الخروج عنها ، وليس هذا الحكم إلا في الإعمار والإرقاب كما جاء النص . معمر
وأما الإسكان فيخرجه متى شاء ; لأنها عدة فيما لم يجزه من السكنى بعد - وبالله تعالى التوفيق .