( قال ) وكل من ينسب إلى المؤدي بالولادة ، أو ينسب إليه بالولادة ، ولا يجوز صرف الزكاة إليه ; لأن تمام الإيتاء بانقطاع منفعة المؤدي عما أدى والمنافع بين الآباء والأبناء متصلة . قال الله تعالى : { : ولا يعطي زكاته وعشره ولده وولد ولده وأبويه وأجداده آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة } فلم يتم الإيتاء بالصرف إليهم فأما من سواهم من القرابة فيتم الإيتاء بالصرف إليه ، وهو أفضل لما فيه من صلة الرحم ( قال ) : ; لأنهم مماليكه كسبهم له ، وكذلك لا يعطي مكاتبه ; لأن كسب المكاتب دائر بينه وبين المولى فلم يتم الإيتاء بالصرف إليه ، وهذا بخلاف ما لو دفع إلى مكاتب غني ; لأن هناك الإيتاء تم بانقطاع منفعة المؤدي عما أدى ، ولم يثبت فيه للغني ملك ، ولا يد للحال وكذلك ولا يعطي مدبره وعبده وأم ولده ; لأن الإيتاء لا يتم فمال الزوجة من وجه لزوجها قال الله تعالى : { لا يصرف إلى زوجته ووجدك عائلا فأغنى } قيل بمال خديجة . وعند رحمه الله تعالى يجوز بناء على أن شهادة الزوج لزوجته جائزة فأما المرأة فلا تعطي زوجها في قول الشافعي وفي قول أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله تعطيه ( واستدلا ) بحديث { ومحمد زينب امرأة رحمهما [ ص: 12 ] الله تعالى فإنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصدق على زوجها فقال : يجوز ولك أجران أجر الصدقة وأجر الصلة عبد الله بن مسعود } ; ولأنه لا حق للزوجة في مال زوجها فيتم الإيتاء كما يتم بالصرف إلى الإخوة بخلاف الزوج يصرف إلى زوجته على ما بينا .
رحمه الله تعالى يقول : لزوجته أصل الولاد ، ثم ما يتفرع من هذا الأصل يمنع صرف زكاة كل واحد منهما إلى صاحبه فكذلك الأصل . ألا ترى أن كل واحد منهما متهم في حق صاحبه لا تجوز شهادته له وإن كل واحد منهما يرث صاحبه من غير حجب كما بالولاد وحديث وأبو حنيفة زينب رضي الله عنها محمول على صدقة التطوع فقد روي أنها كانت امرأة ضيقة اليد تعمل للناس وتتصدق من ذلك وبه نقول أنه يجوز صرف صدقة التطوع لكل واحد منهما إلى صاحبه وكذلك لو لا يجوز ; لأن مصرف الصدقات الفقراء بالنص فإن أعطى غنيا ، أو ولدا صغيرا لغنى مع علمه بحاله جاز في قول صرف إلى زوجة غني وهي فقيرة ، أو إلى بنت بالغة لغنى ، وهي فقيرة أبي حنيفة رحمهما الله تعالى ; لأنه صرفها إلى الفقير واستحقاقها النفقة على الغنى لا يخرجها من أن تكون مصرفا كأخت فقيرة لغني فرض عليه نفقتها ومحمد رحمه الله تعالى قال : لا يجوز ; لأنها مكفية المؤنة باستحقاق النفقة على الغني بالإنفاق فهو نظير ولد صغير لغني وكذلك لو وأبو يوسف لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم { صرفها إلى هاشمي أو مولى هاشمي ، وهو يعلم بحاله لمحمد ، ولا لآل محمد } وعن لا تحل الصدقة رضي الله عنهما { ابن عباس على الصدقات فاستتبع الأرقم بن أبي الأرقم أبا رافع فجاء معه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا رافع إن الله تعالى كره لبني هاشم غسالة الناس ، وإن مولى القوم من أنفسهم } . أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل
وهذا في الواجبات فأما في التطوعات والأوقاف فيجوز الصرف إليهم وذلك مروي عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى في النوادر ; لأن في الواجب المؤدي يطهر نفسه بإسقاط الفرض فيتدنس المؤدى بمنزلة الماء المستعمل وفي النفل يتبرع بما ليس عليه فلا يتدنس به المؤدى كمن تبرد بالماء فإن ومحمد فإنه يجزي إن وقع عنده أنه فقير ، أو سأله فأعطاه ، أو كان جالسا مع الفقراء ، أو كان عليه زي الفقراء ، ثم تبين أنه غني جاز عند أعطاه غنيا ، وهو لا يعلم بحاله أبي حنيفة رحمهما الله تعالى ولم يجز عند ومحمد رحمه الله تعالى ، وهو قول أبي يوسف رضي الله عنه ; لأن الخطأ ظهر له بيقين ; لأن المصرف في الصدقات الفقراء دون الأغنياء فلا يجزئه كمن توضأ بالماء ، ثم تبين أنه نجس ، أو قضى القاضي في حادثة باجتهاد ، ثم ظهر نص بخلافه الشافعي ولأبي حنيفة رحمهما [ ص: 13 ] الله تعالى أن الواجب عليه الصرف إلى من هو فقير عنده وقد فعل فيجوز كما إذا صلى الإنسان إلى جهة بالتحري ، ثم ظهر الأمر بخلافه ، وهذا ; لأن الغنى والفقر لا يوقف عليهما وقد لا يقف الإنسان على غنى نفسه فضلا عن غيره والتكليف إنما يثبت بحسب الوسع بخلاف النص فإنه مما يوقف على حقيقته وكذلك يوقف على نجاسة المال وطهارته . ومحمد