. ( قال ) ثم يقف بالمشعر الحرام  مع الناس يحمد الله تعالى ، ويثني عليه ، ويهلل ، ويكبر ، ويلبي ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو الله تعالى بحاجته ، وهذا الوقوف منصوص عليه في القرآن ، والوقوف بعرفات  مشار إليه في قوله تعالى { فإذا أفضتم من عرفات     } الآية ، وقد { وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع يدعو حتى قال  ابن عباس  رضي الله عنه رأيت يديه عند نحره بالمشعر الحرام  ، وهو يدعو كالمستطعم المسكين   } ، وإنما تم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف فإنه دعا لأمته فاستجيب له في الدماء والمظالم أيضا ، والناس في الجاهلية كانوا متفقين على هذا  [ ص: 20 ] الموقف مختلفين في الوقوف بعرفة  فإن الحمس  كانوا لا يقفون بعرفة  ، ويقولون لا يعظم غير الحرم  حتى { إن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقف بعرفة  جعل الناس يتعجبون ، ويقولون فيما بينهم هذا من الحمس  فما باله خرج من الحرم    } فعرفنا أنه ينبغي أن لا يترك الوقوف بالمشعر الحرام   حتى إذا أسفر جدا دفع قبل أن تطلع الشمس . هكذا رواه  جابر   ، وابن عمر  رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بالمشعر الحرام  حتى إذا كادت الشمس أن تطلع دفع إلى منى    . وإن أهل الجاهلية كانوا لا يدفعون من هذا الموقف حتى تطلع الشمس فإذا طلعت ، وصارت كعمائم الرجال على رءوس الجبال دفعوا ، وكانوا يقولون : أشرق ثبير كيما نغير . فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع قبل طلوع الشمس   } فيجب الأخذ بفعله لما فيه من إظهار مخالفة المشركين كما في الدفع من عرفات  فإذا أتى منى  يأتي جمرة العقبة  ، ويرميها من بطن الوادي بسبع حصيات مثل حصى الخذف لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى منى  يوم النحر لم يعرج على شيء حتى رمى جمرة العقبة  ، وقال : أول نسكنا هنا بمنى  أن نرمي ، ثم نذبح ، ثم نحلق ويرميها من بطن الوادي   } 
لما روي { أن  ابن مسعود  رضي الله عنه وقف في بطن الوادي فرمى سبع حصيات فقيل له : إن ناسا يرمونها من فوقها فقال : أجهل الناس أم نسوا هذا والله الذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة   } ، وهكذا نقل عن  ابن عمر  رضي الله عنهما أنه رمى جمرة العقبة  من بطن الوادي  ، وقال هكذا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يرمي مثل حصى الخذف لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر  ابن عباس  رضي الله عنهما أن يناوله سبع حصيات فأخذهن بيده ، وجعل يقول للناس : بمثل هذا فارموا   } . وفي رواية { عليكم بحصى الخذف لا يؤذي بعضكم بعضا   } . 
والمقصود اتباع سنة الخليل  عليه السلام ، وبهذا القدر يحصل المقصود فلو رمى بأكبر من حصى الخذف ربما يصيب إنسانا فيؤذيه ويكبر مع كل حصاة ، ويقطع التلبية عند أول حصاة يرمي بها جمرة العقبة أما قطع التلبية عند الرمي فقد رواه  ابن مسعود  رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهكذا رواه  جابر  رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمرة العقبة    } . 
أما التكبير عند كل حصاة فقد رواه  ابن عمر  رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن  سالم بن عبد الله    { أنه لما أراد الرمي وقف في بطن الوادي وجعل يقول عند رمي كل حصاة : بسم الله والله أكبر اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا   } ، ثم قال : هكذا حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 21 ] أنه قال عند كل حصاة مثل ما قلت 
				
						
						
