قال ( وإذا لم يضره ما لم يكن كثيرا فاحشا ) ، وفي القياس يتنجس البئر ; لأنه بمنزلة الإناء يخلص بعضه إلى بعض فيتنجس بوقوع النجاسة فيه ، ولكنا استحسنا ، وقلنا بأنه لا ينجس للبلوى فيه فإن عامة الآبار في الفيافي ، والمواشي تبعر حولها ، ثم الريح تسفي به فتلقيه في البئر فلو حكمنا بنجاسته كان فيه انقطاع السبل ، والرسل ، ولكن هذه الرخصة في القليل دون الكثير ، وإذا كان كثيرا فاحشا أخذنا فيه بالقياس فقلنا عليهم أن ينزحوا ماء البئر كله ، والكثير ما استكثره الناظر إليه ، وقيل أن يغطي ربع وجه الماء ، وقيل أن لا تخلو دلو عن بعرة ، وهو صحيح ، وعن وقع بعر الغنم ، أو الإبل في البئر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الإملاء قال هذا إذا كان يابسا فإن كان رطبا تفسد البئر بقليله ، وكثيره ، ثم قال ; لأن الرطب ثقيل لا يسفي به الريح ، ولأنه ليس للرطب من الصلابة ، والاستمساك ما لليابس ، وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنهما سواء ; لأن اليابس [ ص: 88 ] بالوقوع في البئر يصير رطبا ، وما على الرطب من الرطوبة رطوبة الأمعاء ، وهذا كله في غير المتفتت فإن كان متفتتا ، فقليله وكثيره سواء ; لأن الماء يدخل في أجزائه فيتنجس ، ثم يخرج ، وهو نجاسة مائعة ، وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه استحسن في القليل من المتفتت ; لأن البلوى فيه قائمة . أبي يوسف
وأما السرقين فقليله ، وكثيره سواء يفسد الماء رطبا كان ، أو يابسا ; لأنه ليس له من الصلابة كما للبعر ، وعن رحمه الله تعالى قال في تبنة ، أو تبنتين من الأرواث تقع في البئر استحسن أنه لا يفسده ، ولا أحفظه عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وهو الأصح لقيام البلوى فيه حتى قال أبي حنيفة خلف بن أيوب لو حلب عنزا فبعرت في المحلب يرمي بالبعرة ، ويحل شربه ; لأن فيه بلوى فإن العنز لا يمكن أن تحلب من غير أن تبعر في المحلب .