( الخامس ) : قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب : أما مكة إذا بغوا على أهل العدل فذهب بعض الفقهاء إلى تحريم قتالهم مع بغيهم ، وأن يضيق عليهم حتى يرجعوا عن البغي ، ورأوا أن أهل حكم قتال أهل مكة لا يدخلون في عموم قوله تعالى { فقاتلوا التي تبغي } والذي عليه أكثر الفقهاء أنهم يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن ردهم إلا بالقتال ; لأن قتال البغاة حق الله تعالى فحفظ حقه في حرمه أولى من أن يكون مضاعا فيه نقل ذلك الإمام العلامة عبد المنعم بن الفرس في أحكام القرآن في سورة الحجرات انتهى .
ونحوه ما تقدم في كلام ابن عرفة عن ابن العربي وقال في التوضيح : عن الإكمال قوله صلى الله عليه وسلم { بمكة } ، وهو محمول عند أهل العلم على حمله لغير ضرورة ، ولا حاجة ، فإن كان خوف وحاجة إليه جاز ، وهو قول لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح مالك والشافعي وعكرمة وكرهه وعطاء الحسن وشذ من الجماعة عكرمة فرأى عليه أن يحمله إذا احتاج الفدية ولعل هذا في الدرع والمغفر وشبههما ، فلا يكون خلافا ، ثم قال : وقول الكافة إن هذا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام { } فخص بما لم يخص به غيره وقال ، إنما حلت لي ساعة من نهار القاضي في باب الجهاد : ولم [ ص: 205 ] يختلف في قوله صلى الله عليه وسلم إنما كان حلالا لدخوله وعليه المغفر ; ولأنه كان محاربا حاملا للسلاح هو وأصحابه ، واختلفوا في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولم يختلفوا أنه من دخلها لحرب بغاة أو بغي أنه لا يحل له دخولها حلالا انتهى . فانظره وحكى أنه إنما حلل له تلك الساعة إراقة الدم دون الصيد وغيره انتهى كلام التوضيح فتحصل من هذا أن الأرجح قتال البغاة إذا كانوا الخطابي بمكة وأنه لا يحل حمل السلاح بها لغير ضرورة ، وأن حمله لضرورة جائز ، وقول القاضي لم يختلفوا أن من دخلها لحرب إلخ لعله يريد لحرب غير جائز ، وإلا فقد تقدم أن الداخل لقتال بوجه جائز يجوز دخوله بغير إحرام والله أعلم .