فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين
فوسوس لهما الشيطان أي فعل الوسوسة لأجلهما ، وهي في الأصل الصوت الخفي كالهينمة والخشخشة ومنه وسوس الحلي . وقد سبق في سورة « البقرة » كيفية وسوسته . ليبدي لهما ليظهر لهما ، واللام للعاقبة أو للغرض على أنه أراد أيضا بوسوسته أن يسوءهما بانكشاف عورتيهما ، ولذلك عبر عنهما بالسوأة . وفيه دليل على أن كشف العورة في الخلوة وعند الزوج من غير حاجة قبيح مستهجن في الطباع .
ما ووري عنهما من سوآتهما ما غطي عنهما من عوراتهما ، وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر ، وإنما لم تقلب الواو المضمومة همزة في المشهور كما قلبت في أويصل تصغير واصل لأن الثانية مدة وقرئ « سوأتهما » بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الواو و « سوءاتهما » بقلبها واوا وإدغام الواو الساكنة فيها .
وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا إلا كراهة أن تكونا . ملكين أو تكونا من الخالدين الذين لا يموتون أو يخلدون في الجنة ، واستدل به على عليهم الصلاة والسلام ، وجوابه : أنه كان من المعلوم أن الحقائق لا تنقلب وإنما كانت رغبتهما في أن يحصل لهما أيضا ما للملائكة من الكمالات الفطرية ، والاستغناء عن الأطعمة والأشربة ، وذلك لا يدل على فضلهم مطلقا . فضل الملائكة على الأنبياء