فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
قرأ الحسن، : "الرياح"، والجمهور على الإفراد، وسخر الله تعالى الريح وأبو رجاء لسليمان عليه السلام، وكان له كرسي عظيم، يقال: يحمل أربعة آلاف فارس، ويقال: أكثر، وفيه الشياطين، وتظله الطير، وتأتي عليه الريح الإعصار فتقله من الأرض حتى يحصل في الهواء، ثم يتولاه الرخاء، وهي اللينة القوية المتشابهة [ ص: 350 ] لا تأتي فيها دفع مفرطة، فتحمله، غدوها شهر، ورواحها شهر و حيث أصاب أي: أراد، قاله وهب وغيره، وأنشد : الثعلبي
أصاب الكلام فلم يستطع ... فأخطا الجواب لدى المفصل
ويشبه أن "أصاب" معدى: صاب يصوب، أي: حيث وجه جنوده وجعلهم يصوبون صوب السحاب والمطر. قال : معناه: قصد، وكذلك قولك للمتكلم: "أصبت": معناه: قصدت الحق. الزجاج
وقوله تعالى: كل بناء وغواص بدل من "الشياطين"، والمعنى: كل من بنى مصانعه للحروب. و"مقرنين" معناه: موثقين، قد قرن بعضهم ببعض، و"الأصفاد": القيود والأغلال.
واختلف الناس في المشار إليه بقوله: هذا عطاؤنا ، فقال : إشارة إلى ما فعله بالجن، فامنن على من شئت منهم، وأطلقه من وثاقه وسرحه من خدمته، أو أمسك أمره كما تريد، وقال قتادة رضي الله عنهما: أشار إلى ما وهبه من النساء وأقدره عليه من جماعهن، وقال ابن عباس أشار إلى جميع ما أعطاه من الملك، وأمره بأن يمن على من يشاء ويمسك عمن يشاء، فكأنه وقفه على قدر النعمة ثم أباح له التصرف فيه بمشيئته، وهو تعالى قد علم منه أن مشيئته إنما تتصرف بحكم طاعة الله. وهذا أصح الأقوال وأجمعها لتفسير الآية. وباقي الآية بين. الحسن: