قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين
اختلف المفسرون فيمن أمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول له هذه المقالة، فقال الحسن بن أبي الحسن وابن جريج: إن قوما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا محمد إنا نحب ربنا، فنزلت هذه الآية في قولهم، جعل الله فيها اتباع محمد علما لحبه. وقال محمد بن جعفر بن الزبير: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول لنصارى نجران، أي: إن كان قولكم في عيسى وغلوكم في أمره حبا لله، فاتبعوني. ويحتمل أن تكون الآية عامة لأهل الكتاب اليهود والنصارى لأنهم كانوا يدعون أنهم يحبون الله ويحبهم. ألا ترى أن جميعهم قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه ، ولفظ "أحباؤه" إنما يعطي أن الله يحبهم، لكن يعلم أن مرادهم "ومحبوه" فيحسن أن يقال لهم: قل إن كنتم تحبون الله .
وقرأ "فاتبعوني" بتشديد النون، وقرأ الزهري "يحببكم" بفتح الياء وضم الباء الأولى من "حب" وهي لغة، قال أبو رجاء حببت قليلة في اللغة، وزعم [ ص: 197 ] الزجاج: أنها لغة قد ماتت، وعليها استعمل محبوب. الكسائي
والمحبة إرادة يقترن بها إقبال من النفس وميل بالمعتقد. وقد تكون الإرادة المجردة فيما يكره المريد، والله تعالى يريد وقوع الكفر ولا يحبه، ومحبة العبد لله تعالى يلزم عنها ولا بد أن يطيعه، وتكون أعماله بحسب إقبال النفس، وقد تمثل بعض العلماء حين رأى الكعبة فأنشد:
هذه داره وأنت محب ... ما بقاء الدموع في الآماق
ومحبة الله للعبد أمارتها للمتأمل; أن يرى العبد مهديا مسددا ذا قبول في الأرض، فلطف الله بالعبد ورحمته إياه، هي ثمرة محبته، وبهذا النظر يتفسر لفظ المحبة حيث وقعت من كتاب الله عز وجل.
وذكر أن الزجاج: قرأ: "ويغفر لكم" بإدغام الراء في اللام، وخطأ القراء، وغلط من رواها عن أبا عمرو فيما حسبت. أبي عمرو
وذهب إلى أن قوله: الطبري قل أطيعوا الله والرسول خطاب لنصارى نجران وفي قوله: فإن الله لا يحب الكافرين وعيد، ويحتمل أن يكون بعد الصدع بالقتال.