قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها الآية (58) .
فيه دليل على وجوب وقبل الطلب لا يخفى وجوب الرد، فإن في وجوب ردها قبل الطلب بطلان جواز الإمساك، وفيه بطلان مقصود الائتمان، وهو الحفظ المقصود للمالك وهذا عام في حق الجميع، وإن كان قوله تعالى من بعد: رد الأمانة إذا طلبها مالكها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ، مخصوصا بالحكام، غير أن خصوص الآخر لا يرفع التعلق بعموم الأول على رأي كثير من الأصوليين وإن كان فيهم من يخالف مخالفة لها وجه حسن.
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أنس بن مالك
"لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت".
ومثله قوله تعالى في قصة داود:
فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى الآية.
[ ص: 472 ] وقال تعالى:
إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور إلى قوله: فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا .
فأمر الحكام بهذه الخلال الثلاثة وأخذها عليهم.
أن لا يتبعوا الهوى.
وأن يخشوه ولا يخشوا الناس.
وأن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا.