أو زد عليه أي على النصف قليلا كالسدس مثلا، فيكون الذي تقومه الثلثين مثلا، وعلى كل تقدير من هذه التقادير يصادف القيام - وهو لا يكون إلا بعد النوم: فإنه صح أنه ينزل سبحانه [عن -] أن يشبه ذاته شيئا [ ص: 8 ] أو نزوله نزول غيره [بل -] هو كناية عن فتح باب السماء الذي هو كناية عن الوقت الذي يباركه الله بالتجلي [فيه - ] - حين يبقى ثلث الليل - وفي رواية: حين يبقى شطر الليل الآخر - إلى سماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه، هل من كذا هل من كذا حتى يطلع الفجر. وقت استجابة الدعاء على التخيير بين هذه المقادير الثلاثة فكانوا يشقون على أنفسهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب، وكذا بعض أصحابه رضي الله تعالى عنهم واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم، وكان هذا قبل فريضة الخمس، فنزل آخرها بالتخفيف بعد سنة وكان هذا القيام في أول الإسلام فرضا عليهم علم أن لن تحصوه الآيات، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة.
ولما أمر بالقيام وقدر وقته وعينه، أمر بهيئة التلاوة على وجه عام للنهار معلم بأن القيام بالصلاة التي روحها القرآن فقال: ورتل القرآن أي اقرأه على تؤدة [و -] بين حروفه بحيث يتمكن السامع من عدها [و - ] حتى يكون المتلو شبيها بالثغر المرتل وهو المفلج المشبه بنور الأقحوان، فإن ذلك موجب لتدبره فتكشف له مهماته وينجلي عليه أسراره وخفياته، قال ابن مسعود رضي الله عنه: [ ص: 9 ] ولا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، ولكن قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة. روى عن الترمذي رضي الله عنها عائشة إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ولما أعلم سبحانه بالترتيل أعلم بشرفه بالتأكيد بالمصدر فقال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حتى أصبح بآية، والآية ترتيلا