[ ص: 4561 ] سورة الفرقان 
الجمهور على أنها مكية . وعن  الضحاك   : مدنية . وعن بعضهم : مكية إلا ثلاث آيات (والذين لا يدعون ) إلى (رحيما ) . 
قال المهايمي   : سميت بالفرقان لاشتمالها على أنه ظهر كثرة خيرات الحق بالفرقان ، الذي هو التمييز بين الحق والباطل . والأظهر أنه لذكره فيها بمعانيه الآتية المتسع لها اللفظ لا خصوص ما ذكره ، وآياتها سبع وسبعون . 
 [ ص: 4562 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله تعالى : 
[1] تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا    . 
تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا  يحمد تعالى نفسه الكريمة ويثني عليها ، لما أنزله من الفرقان ، كما قال : الحمد لله الذي أنـزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا  قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات  
قال  الزمخشري   : (البركة ) : كثرة الخير وزيادته . ومنها : تبارك الله  وفيه معنيان : تزايد خيره وتكاثر أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه ، في صفاته وأفعاله . و : { الفرقان } مصدر فرق بين الشيئين ، إذا فصل بينهما . وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل . أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ، ولكن مفروقا مفصلا بعضه عن بعض في الإنزال . 
ألا ترى إلى قوله : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونـزلناه تنـزيلا  انتهى . 
قال الناصر   : والأظهر ها هنا هو المعنى الثاني . لأنه في أثناء السورة بعد آيات : وقال الذين كفروا لولا نـزل عليه القرآن جملة واحدة  قال الله تعالى : كذلك  أي : أنزلناه مفرقا كذلك : لنثبت به فؤادك  فيكون وصفه بالفرقان في أول السورة - والله أعلم - . كالمقدمة والتوطئة لما يأتي بعد . انتهى . 
قال أبو السعود   : وإيراده صلى الله عليه وسلم بذلك العنوان ، لتشريفه والإيذان بكونه في أقصى مراتب العبودية ، والتنبيه على أن الرسول لا يكون إلا عبدا للمرسل   ; ردا  [ ص: 4563 ] على النصارى ، والكناية في (ليكون ) للعبد أو للفرقان . و(النذير ) صفة بمعنى منذر ، أو مصدر بمعنى الإنذار ، كالنكر مبالغة . 
				
						
						
