قال ( ويجوز ) وقال الالتقاط في الشاة والبقر والبعير مالك : إذا وجد البعير والبقر في الصحراء فالترك أفضل . [ ص: 125 ] وعلى هذا الخلاف الفرس . لهما أن الأصل في أخذ مال الغير الحرمة والإباحة مخافة الضياع ، وإذا كان معها ما تدفع عن نفسها يقل الضياع ولكنه يتوهم فيقضي بالكراهة والندب إلى الترك . والشافعي
ولنا أنها لقطة يتوهم ضياعها فيستحب أخذها وتعريفها صيانة لأموال الناس كما في الشاة ( فإن أنفق الملتقط عليها بغير إذن الحاكم فهو متبرع ) لقصور ولايته عن ذمة المالك ، وإن أنفق بأمره كان ذلك دينا على صاحبها لأن للقاضي ولاية في مال الغائب نظرا له وقد يكون النظر في الإنفاق على ما نبين [ ص: 126 ] ( وإذا رفع ذلك إلى الحاكم نظر فيه ، فإن كان للبهيمة منفعة آجرها وأنفق عليها من أجرتها ) لأن فيه إبقاء العين على ملكه من غير إلزام الدين عليه وكذلك يفعل بالعبد الآبق ( وإن لم تكن لها منفعة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وأمر بحفظ ثمنها ) إبقاء له معنى عند تعذر إبقائه صورة ( وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك وجعل النفقة دينا على مالكها ) لأنه نصب ناظرا وفي هذا نظر من الجانبين ، قالوا : إنما يأمر بالإنفاق يومين أو ثلاثة أيام على قدر ما يرى رجاء أن يظهر مالكها ، فإذا لم يظهر يأمر ببيعها لأن دارة النفقة مستأصلة فلا نظر في الإنفاق مدة مديدة .
قال رضي الله تعالى عنه : وفي الأصل شرط إقامة البينة وهو الصحيح لأنه يحتمل أن يكون غصبا في يده فلا يأمر فيه بالإنفاق وإنما يأمر به في الوديعة فلا بد من البينة لكشف الحال وليست البينة تقام للقضاء . [ ص: 127 ] وإن قال لا بينة لي بقول القاضي له أنفق عليه إن كنت صادقا فيما قلت حتى ترجع على المالك إن كان صادقا ، ولا يرجع إن كان غاصبا .
وقوله في الكتاب وجعل النفقة دينا على صاحبها إشارة إلى أنه إنما يرجع على المالك بعد ما حضر ولم تبع اللقطة إذا شرط القاضي الرجوع على المالك ، وهذه رواية وهو الأصح . قال ( وإذا حضر ) يعني ( المالك فللملتقط أن يمنعها منه حتى يحضر النفقة ) لأنه حي بنفقته فصار كأنه استفاد الملك من جهته فأشبه المبيع ; وأقرب من ذلك راد الآبق فإن له الحبس لاستيفاء الجعل لما ذكرنا ، ثم لا يسقط دين النفقة بهلاكه في يد الملتقط قبل الحبس ، ويسقط إذا هلك بعد الحبس لأنه يصير بالحبس شبيه الرهن .