قوله ( وإن تلفت بجائحة من السماء رجع على البائع    ) . هذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وسواء أتلفت قدر الثلث أو أكثر أو أقل ، إلا أنه يتسامح في الشيء اليسير الذي لا ينضبط . نص عليه . قال  المصنف  ، والشارح    : هذا ظاهر المذهب . قال الزركشي    : هذا اختيار جمهور الأصحاب . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الكافي ، والمحرر ، والفروع ، والرعايتين ، وغيرهم . وهو من مفردات المذهب .  وعنه  إن أتلفت الثلث فصاعدا ، ضمنه البائع . وإلا فلا . اختاره الخلال وجزم به في الروضة . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والتلخيص ، والبلغة ، والحاوي الكبير ، وغيرهم .  وعنه    : لا جائحة في غير النخل . نص عليه في رواية حنبل . ذكره في الفائق .  [ ص: 75 ] واختار الزركشي  في شرحه إسقاط الجوائح مجانا . وحمل أحاديثها على أنهم كانوا يبيعونها قبل بدو صلاحها . 
تنبيهات 
أحدها : قيد  ابن عقيل  ، وصاحب التلخيص ، وجماعة ، الروايتين بما بعد التخلية . وظاهره : أن قبل التخلية يكون من ضمان البائع ، قولا واحدا . قاله الزركشي    . وجزم في الفروع : أن محل الجائحة بعد قبض المشتري وتسليمه . وهو موافق للأول . وقطع به في الرعايتين ، والحاويين . والظاهر : أنه مراد من أطلق . لأنه قبل التحلية ما حصل قبض . 
الثاني : أفادنا  المصنف  بقوله ( رجع على البائع ) صحة البيع . وهو المذهب وعليه الأصحاب . إلا صاحب النهاية . فإنه أبطل العقد . كما لو تلف الكل . 
الثالث : على الرواية الثانية وهي التي قلنا فيها : لا يضمن إلا إذا أتلفت الثلث فصاعدا قيل : يعتبر ثلث الثمرة . وهو الصحيح . قدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب والمغني ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين ، وشرح  ابن رزين    . وقبل : يعتبر قدر الثلث بالقيمة . وقدمه في المحرر ، والنظم ، وتجريد العناية . وأطلقهما الزركشي  ، والفائق . وقيل : يعتبر قدر الثلث بالثمن . وأطلقهن في الفروع . 
الرابع : على المذهب : يوضع من الثمرة بقدر التالف . نقله  أبو الخطاب  ، وجزم به في الفروع . 
الخامس : لو تعيبت بذلك . ولم تتلف    : خير المشتري بين الإمضاء والأرش ، وبين الرد وأخذ الثمن كاملا . قاله الزركشي  وغيره .  [ ص: 76 ] 
فائدة : تختص الجائحة بالثمن . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وكذا ما له أصل يتكرر حمله كقثاء ، وخيار ، وباذنجان ، ونحوها . قاله جماعة . وقدمه في الفروع ، وتقدم لفظه . وقال في القاعدة الثمانين : لو اشترى لقطة ظاهرة من هذه الأصول فتلفت بجائحة قبل القطع . فإن قلنا : حكمها حكم ثمن الشجر فمن مال البائع . وإن قيل : هي كالزرع خرجت على الوجهين في جائحة الزرع وقال  القاضي    : من شرط الثمن الذي تثبت فيه الجائحة    : أن يكون مما يستبقى بعد بدو صلاحه إلى وقت كالنخل ، والكرم ، وما أشبهها وإن كان مما لا تستبقى ثمرته بعد بدو صلاحه كالتين ، والخوخ ، ونحوهما فلا جائحة فيه . قال بعض الأصحاب : وهذا أليق بالمذهب .  وعنه  لا جائحة في غير النخل . نص عليه في رواية  حنبل    . كما تقدم . وتقدم اختيار الزركشي    . وقال في الكافي ، والمحرر : وتثبت أيضا في الزرع . وذكر  القاضي    : فيه احتمالين . ذكره الزركشي    . وقال في عيون المسائل : إذا تلفت الباقلا . أو الحنطة في سنبلها . قلنا وجهان . الأقوى : يرجع بذلك على البائع . واختار الشيخ تقي الدين  رحمه الله : ثبوت الجائحة في زرع مستأجر وحانوت نقص نفعه عن العادة    . وحكم به أبو الفضل بن حمزة  في حمام . وقال الشيخ تقي الدين  أيضا : قياس نصوصه وأصوله : إذا تعطل نفع الأرض بآفة . انفسخت الإجارة فيما بقي    . كانهدام الدار . وأنه لا جائحة فيما تلف من زرعه . لأن المؤجر لم يبعه إياه . ولا ينازع في هذا من فهمه . 
تنبيهان 
أحدهما : قوله " بجائحة من السماء " ضابطها    : أن لا يكون فيها صنع  [ ص: 77 ] لآدمي كالريح والمطر ، والثلج ، والبرد ، والجليد ، والصاعقة ، والحر ، والعطش ، ونحوها كذا الجراد . جزم به الأصحاب . 
الثاني : يستثنى من عموم كلام  المصنف    : ولو اشترى الثمرة مع أصلها . فإنه لا جائحة فيها إذا تلفت    . قاله الأصحاب . ويستثنى أيضا : ما إذا أخذها عن وقته المعتاد . فإنه لا يضمنها البائع . والحالة هذه . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وقال  القاضي    : ظاهر كلام  الإمام أحمد    : وضعها عمن أخر الأخذ عن وقته . واختاره . وفيه وجه ثالث . يفرق بين حالة العذر وغيره . 
فائدة : لو باع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع . ثم تلفت بجائحة    . فتارة يتمكن من قطعها قبل تلفها ، وتارة لا يتمكن فإن تمكن من قطعها ولم يقطعها حتى تلفت فلا ضمان على البائع . قاله  القاضي  في المجرد ،  والمجد  ، وهو احتمال في التعليق . وقدمه الزركشي    . قال في القواعد الفقهية : وهو مصرح به في المغني . وذكره الشارح عن  القاضي  ، واقتصر عليه . وقال  القاضي  في التعليق : ظاهر كلام  الإمام أحمد  رحمه الله : أنه من ضمان البائع ، اعتمادا على إطلاقه ونظرا إلى أن القبض لم يحصل . قال في الحاوي : يقوى عندي وجوب الضمان على البائع هنا : قولا واحدا . لأن ما شرط فيه القطع . فقبضه : يكون بالقطع والنقل . فإذا تلف قبله يكون كتلف المبيع قبل القبض . انتهى . 
وأما إذا لم يتمكن من قطعها حتى تلفت    : فإنها من ضمان البائع . قولا واحدا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					