قوله ( وإن رمى ثلاثة بمنجنيق . فقتل الحجر إنسانا    : فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث ديته ) .  [ ص: 40 ] ولا قود لعدم إمكان القصد غالبا . وهذا المذهب . وعليه الأصحاب . وقال في الرعاية ، وغيره ، وقيل : تجب الدية في بيت المال . فإن تعذر فعلى العاقلة . وفي الفصول احتمال أنه كرميه عن قوس ومقلاع وحجر عن يد . ونقل المروذي  يفديه الإمام . فإن لم يكن فعليهم ، واختار في الرعاية : أن ذلك عمدا ، إذا كان الغالب الإصابة . قلت    : إن قصدوا رميه : كان عمدا ، وإلا فلا . 
قوله ( وإن قتل أحدهم : ففيه ثلاثة أوجه . أحدها : يلغى فعل نفسه . وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية ) . وهو المذهب ، جزم به  القاضي  في المجرد ،  والمصنف  في العمدة ، والأدمي البغدادي  في منتخبه . وقال في المغني : هذا أحسن ، وأصح في النظر ، وقدمه في الخلاصة ، وإدراك الغاية . 
والثاني : عليهما كمال الدية . قال  أبو الخطاب  وتبعه صاحب الخلاصة هذا قياس المذهب ، وصححه في التصحيح ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وأطلقهما في الفروع ، والمذهب ، والمستوعب . 
والثالث : على عاقلته ثلث الدية لورثته ، وثلثاها على عاقلة الآخرين . ويحتمله كلام  الخرقي    . وهذا الوجه مبني على إحدى الروايتين الآتيتين في أن جنايته على نفسه تجب على عاقلته . وأطلقهن في الشرح .  [ ص: 41 ] وقال  ابن عقيل  في التذكرة : تكون عليه ، ويدفعها إلى ورثته . تنبيه : قوله " أحدهما يلغى فعل نفسه . وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية " . يعني : يلغى فعل نفسه وما يترتب عليه . وقال ابن منجا  في شرحه : وأما كون أحدهم إذا قتله الحجر يلغى فعل نفسه في وجه : فقياس على المتصادمين . وقد تقدم . فعلى هذا : يجب كمال الدية على عاقلة صاحبيه ، صرح بذلك  المصنف  في المغني . ولم يرتب  المصنف  هنا على إلغاء فعل نفسه كمال الدية ، بل رتب عليه وجوب ثلثي الدية على عاقلة صاحبيه . قال : ولا أعلم له وجها . بل وجه إيجاب ثلثي الدية على عاقلة صاحبيه : أن يجعل ما قابل فعل المقتول ساقطا لا يضمنه أحد ; لأنه شارك في إتلاف نفسه . فلم يضمن ما قابل فعله كما لو شارك في قتل بهيمته أو عبده . 
وهذا صرح به  المصنف  في المغني . ونسبه إلى  القاضي    . انتهى كلام ابن منجا    . وليس فيه كبير جدوى . ولا يرد على  المصنف  ما قال . فإن مراده بقوله " يلغى فعل نفسه " أنه يسقط فعل نفسه ، وما يترتب عليه . بدليل قوله " وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية " . ولا يلزم من إلغاء فعل نفسه وجوب كمال الدية . وعلى تقدير أنه يلزمه ذلك : فمحله إذا لم يكن يذكر الحكم . والله أعلم . 
فائدة : لو قتل الحجر الثلاثة ، فعلى قول  القاضي    : على عاقلة كل واحد ثلثا الدية ، وثلثها هدر . وعلى قول  أبي الخطاب    : على عاقلة كل واحد كمال الدية للآخرين ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي . 
				
						
						
