قوله ( ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب ، إلا ما استثني . واختار ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي الشيخ تقي الدين رحمه الله : أن مسألة الدعوى وفروعها ضعيفة لحديث الحضرمي . وأن الثبوت المحض يصح بلا مدعى عليه . وقال : إذا قيل : لا تسمع إلا محررة ، فالواجب أن من ادعى مجملا : استفصله الحاكم . وقال : المدعى عليه قد يكون مبهما ، كدعوى الأنصار قتل صاحبهم ، ودعوى المسروق منه على بني أبيرق . ثم المجهول قد يكون مطلقا . وقد ينحصر في قوم ، كقولها " نكحني أحدهما " وقوله " زوجني إحداهما " . انتهى . والتفريع على الأول . فعلى المذهب : يعتبر التصريح في الدعوى . فلا يكفي قوله " لي عند فلان كذا " حتى يقول " وأنا الآن مطالب له به " . ذكره في الترغيب ، والرعاية ، وغيرهما . [ ص: 272 ] وقال : وظاهر كلام جماعة : يكفي الظاهر . قلت : وهو أظهر . فائدتان
إحداهما : قال في الرعاية : لو . وقال في الفروع : وتكفي شهرته عندهما . وعند الحاكم عن تحديده . لحديث كان المدعى به متميزا مشهورا عند الخصمين والحاكم : كفت شهرته عن تحديده الحضرمي ، والكندي . قال : وظاهره عمله بعلمه أن مورثه مات ولا وارث له سواه . انتهى .
الثانية : لو قال " غصبت ثوبي . فإن كان باقيا فلي رده وإلا قيمته " صح اصطلاحا . وقيل : يدعيه . فإن خفي : ادعى قيمته . وقال في الترغيب : لو أعطى دلالا ثوبا قيمته عشرة ليبيعه بعشرين . فجحده . فقال " أدعي ثوبا ، إن كان باعه فلي عشرون ، وإن كان باقيا فلي عينه ، وإن كان تالفا فلي عشرة " . قال في الفروع : فقد اصطلح القضاة على قبول هذه الدعوى المرددة للحاجة . قال في الرعاية : صح اصطلاحا . وقيل : بلى . انتهى . وإن ادعى " أن له الآن " لم تسمع بينة " أنه كان له أمس " أو " في يده " في الأصح من الوجهين ، حتى يبين سبب يد الثاني نحو غاصبه ، بخلاف ما لو شهدت أنه كان ملكه بالأمس ، اشتراه من رب اليد . فإنه يقبل . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن قال " ولا أعلم له مزيلا " قبل كعلم الحاكم أنه يلبس عليه . [ ص: 273 ] وقال أيضا : لا يعتبر في أداء الشهادة قوله " وأن الدين باق في ذمة الغريم إلى الآن " بل يحكم الحاكم باستصحاب الحال إذا ثبت عنده سبق الحق إجماعا . وقال أيضا فيمن لا ينزع منه بذلك . لأن أصلين تعارضا . وأسباب انتقاله أكثر من الإرث ، ولم تجر العادة بسكوتهم المدة الطويلة . ولو فتح هذا لانتزع كثير من عقار الناس بهذه الطريق . بيده عقار ، فادعى رجل بمثبوت عند الحاكم " أنه كان لجده إلى موته ، ثم لورثته " ولم يثبت أنه مخلف عن موروثه
وقال فيمن بيده عقار ، فادعى آخر " أنه كان ملكا لأبيه " فهل يسمع من غير بينة ؟ قال : لا يسمع إلا بحجة شرعية ، أو إقرار من هو في يده ، أو تحت حكمه . وقال في بينة شهدت له بملكه إلى حين وقفه ، وأقام الوارث بينة " أن موروثه اشتراها من الواقف قبل وقفه " قدمت بينة وارث . لأن معها مزيد علم لتقديم من شهد بأنه ورثه من أبيه ، وآخر أنه باعه . انتهى . قوله ( إلا في الوصية والإقرار . فإنها تجوز بالمجهول ) . وكذلك في العبد المطلق في المهر ، إذا قلنا : يصح . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقال في الرعايتين كوصية ، وعبد مطلق في مهر ، أو نحوه . وقيل : أو إقرار . وقال في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب : ولا تصح إلا محررة ، يعلم بها المدعي ، إلا في الوصية خاصة . فإنها تصح من المجهول . وقاله غيرهم . وقال في عيون المسائل : يصح ، لئلا يسقط حق المقر له . ولا تصح الدعوى . لأنها حق له . فإذا ردت عليه عدل إلى معلوم . [ ص: 274 ] واختار في الترغيب : أن الإقرار بالمجهول لا تصح . لأنه ليس بالحق ولا موجبه ، فكيف بالمجهول ؟ . دعوى الإقرار بالمعلوم
وقال في الترغيب أيضا : لو ادعى درهما ، وشهد الشهود على إقراره : قبل . ولا يدعي الإقرار ، لموافقته لفظ الشهود ، بل لو ادعى لم تسمع . وفي الترغيب في اللقطة : لا تسمع . وقال الآمدي : لو : لم تقبل . لأنها شهادة على الإقرار على الرضاع . قال ادعت امرأة " أن زوجها : أقر أنها أخته من الرضاع ، أو ابنته " وأنكر الزوج . فأقامت بينة على إقراره بذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى : لعل مأخذه : أنها ادعت بالإقرار لا بالمقر به . ولكن هذه الشهادة تسمع بغير دعوى . لما فيها من حق الله . على أن الدعوى بالإقرار فيها نظر . فإن الدعوى بها تصديق المقر . فوائد
الأولى : من شرط صحة الدعوى : أن تكون متعلقة بالحال . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقدمه في الفروع . وقيل : تسمع بدين مؤجل لإثباته . قال في الترغيب : الصحيح أنها تسمع . فيثبت أصل الحق للزومه في المستقبل كدعوى تدبير ، وأنه يحتمل في قوله " قتل أبي أحد هؤلاء الخمسة " أنها تسمع للحاجة ، لوقوعه كثيرا . ويحلف كل منهم . وكذا دعوى غصب وإتلاف وسرقة ، لا إقرار وبيع . إذا قال : نسيت . لأنه مقصر . [ ص: 275 ] وقال في الرعاية الكبرى : تسمع الدعوى بدين مؤجل لإثباته ، إذا خاف سفر الشهود أو المديون مدة بغير أجل .
الثانية : يشترط في الدعوى انفكاكها عما يكذبها . فلو : لم تسمع الثانية . ولو أقر الثاني ، إلا أن يقول " غلطت " أو " كذبت في الأولى " فالأظهر : تقبل . قاله في الترغيب . وقدمه في الفروع لإمكانه . والحق لا يعدوهما . وقال في الرعاية : من أقر لزيد بشيء . ثم ادعاه ، وذكر تلقيه منه : سمع ، وإلا فلا . وإن أخذ منه بينة ثم ادعاه ، فهل يلزم ذكر تلقيه ؟ يحتمل وجهين . ادعى عليه " أنه قتل أباه منفردا " ثم ادعى على آخر المشاركة فيه
الثالثة : لو قال " كان بيدك " أو " لك أمس ، وهو ملكي الآن " لزمه سبب زوال يده . على أصح الوجهين .
والوجه الثالثة : لا يلزمه . وقيل : يلزمه في الثانية دون الأولى . قال في الفروع : فيتوجه على الوجهين . ولو أقام المقر بينة : أنه له ، ولم يبين سببا : هل تقبل ؟ . وتقدم الكفاية بشهرته عند الخصمين أو الحاكم قريبا .
الرابعة : لو أحضر ورقة فيها دعوى محررة ، وقال " أدعي بما فيها " مع حضور خصمه : لم تسمع . قاله في الرعاية . وقال في الفروع : لا يكفي قوله عن دعوى في ورقة " أدعي بما فيها " .
الخامسة : تسمع دعوى استيلاد وكتابة وتدبير . على الصحيح من المذهب . [ ص: 276 ] وقيل : تسمع في التدبير إن جعل عتقا بصفة . وقال في الفصول : دعواه سببا قد يوجب مالا كضرب عبده ظلما يحتمل أن لا تسمع حتى يجب المال . وقال في الترغيب : لا تسمع الدعوى مستلزمة ، لا كبيع خيار ونحوه ، وأنه لو ادعى بيعا أو هبة : لم تسمع إلا أن يقول " ويلزمه التسليم إلي " لاحتمال كونه قبل اللزوم . ولو قال " بيعا لازما " أو " هبة مقبوضة " فوجهان . لعدم تعرضه للتسليم .