[ ص: 164 ] فصل من المساجد الثلاثة : نذر الاعتكاف أو الصلاة في أحد المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو المسجد الأقصى لم يجزئه في غيرها ( هـ ) لفضل العبادة فيها على غيرها ، قول : يتعين وللشافعي المسجد الحرام فقط . وإن عين المسجد الحرام لم يجزئه غيره ، لأنه أفضلها ، احتج به والأصحاب ، فدل إن قلنا إن أحمد المدينة أفضل أن مسجدها أفضل ( ر ) وهذا ظاهر كلام صاحب المحرر وغيره ، وصرح به صاحب الرعاية . وإن عين م مسجد المدينة لم يجزئه غيره ، لأنه دونه ، إلا المسجد الحرام على ما سبق . وإن عين المسجد الأقصى أجزأه المسجدان فقط ، نص عليه ، لأفضليتهما عليه ( ) في م مسجد المدينة . وإن عين مسجدا غير هذه الثلاثة لم يتعين ، لحديث { أبي هريرة } وذكرها ، متفق عليه ، لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد في رواية : { ولمسلم } فلو تعين احتاج إلى شد رحل ، كذا ذكره الأصحاب ، وهو صحيح فيما إذا احتاج إلى ذلك ، وخالف فيه إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد ، [ ص: 165 ] ويتوجه إلا الليث مسجد قباء ، وفاقا لمحمد بن مسلمة المالكي ، لقول { ابن عمر قباء راكبا وماشيا } . : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور
وفي رواية { قباء كل سبت ، كان يأتيه راكبا وماشيا ويصلي فيه ركعتين } . وكان : كان يأتي يفعله ، متفق عليه . ابن عمر [ وللنسائي ] من حديث وابن ماجه { سهل بن حنيف } ، وعن : إن من خرج حتى يأتيه فيصلي فيه كان له عدل عمرة أسيد بن ظهير مرفوعا { مسجد قباء كعمرة } رواه الصلاة في الترمذي وقال : غريب ، ولا نعرف لأسيد شيئا يصح غير هذا . وفيه ، وكرهه تخصيص بعض الأيام بالزيارة محمد بن مسلمة المالكي . أما ما لم يحتج إلى شد رحل فمفهوم كلامه في المغني يلزم فيه ، وهو ظاهر الانتصار ، فإنه قال : القياس لزومه تركناه لقوله { } . وذكره لا تشد الرحال أبو الحسين احتمالا في تعيين المسجد العتيق للصلاة ، وذكر صاحب المحرر أن ذكر تعيينه لها ، قال صاحب المحرر : لأنه أفضل ، قال : ونذر الاعتكاف مثله ، وأطلق القاضي شيخنا وجهين في تعيين ما امتاز بمزية شرعية ، كقدم وكثرة جمع ، واختار في موضع آخر : يتعين ، وصرح المالكية بهذا في المسجد القريب ، وقطع به ابن الجلاب منهم ، ورواه في الموازية عن محمد بن المواز ، وذكره بعض الشافعية وجها ، وبعضهم قولا في تعيين المساجد للاعتكاف ، واحتجوا لعدم [ ص: 166 ] التعيين بأنه لا مزية لبعض المساجد على بعض بمزية أصلية ، وهذا يبطل مالك بقباء ، ثم هي طاعة ، فتدخل في الخبر ، ثم ما الفرق ؟ واحتج الأصحاب بأن الله لم يعين لعبادته مكانا : ويبطل ببقاع الحج .
وقال القاضي : الاعتكاف والصلاة لا يختصان بمكان ، بخلاف الصوم ، كذا قالا ( وابن عقيل م هـ ) فعلى المذهب الأول يعتكف في غير المسجد الذي عينه ، وفي الكفارة وجهان إن وجبت في غير المستحب . وكذا الصلاة ( م 6 ) وظاهر كلام جماعة : يصلي في غير مسجد [ ص: 167 ] أيضا ، ولعله مراد غيرهم ، وهو متجه . وإن أراد الذهاب إلى ما عينه فإن احتاج إلى شد رحل خير عند وغيره ، وجزم بعضهم بإباحته ، واختاره القاضي في القصير ، واحتج بخبر الشيخ قباء ، وحمل النهي على أنه لا فضيلة فيه ، وقاله أكثر الشافعية ، وحكاه في شرح عن جمهور العلماء ، ولم يجوزه مسلم ابن عقيل وشيخنا ( م 7 ) ( و ) وبعض أصحابه ، وذكر جماعة من أصحابه عنه : يكره ، ولعله مراده في التخليص وغيره بأنه لا يترخص ، وذكر الشيخ م زين الدين في شرح المقنع : وهي المسألة ، ونقل يكره إلى [ ص: 168 ] القبور والمشاهد ابن القاسم وشندي أن سئل عن أحمد : ترى ذلك ؟ قال : أما على { الرجل يأتي المشاهد ويذهب إليها أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى ابن أم مكتوم } ، وعلى نحو ما كان يفعل حديث يتبع مواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأثره ، فليس بذلك بأس ، إلا أن الناس أفرطوا في هذا جدا وأكثروا ، قال ابن عمر ، فذكر ابن القاسم وما يفعل الناس عنده الحسين ، وحكى قبر شيخنا وجها : يجب السفر المنذور إلى المشاهد ، ومراده والله أعلم اختيار صاحب الرعاية .
وقال شيخنا أيضا : يفرق بين الكثير الظاهر منه والقليل الخفي والمعتاد وغيره . قال : ويترتب على استحبابه وكراهته حكم نذره وشرطه في وقف ووصية ونحوه ، والله أعلم . أما ما لم يحتج إلى شد رحل فيخير ، ذكره ما شرع جنسه والبدعة اتخاذه عادة كأنه واجب كصلاة وقراءة [ ودعاء ] وذكر جماعة وفرادى وقصد بعض المشاهد ونحوه القاضي . وابن عقيل
وقال في الواضح : الأفضل الوفاء ، وهذا أظهر .
[ ص: 166 ]