( قوله : وإن ردت الأمر في يومها بطل الأمر في ذلك اليوم وكان أمرها بيدها بعد غد ) يعني إذا فقد انتهى ملكها في اليوم الأول فالمراد بالرد اختيار الزوج ، والمراد بالبطلان الانتهاء قيدنا به لأنها لو قالت رددته فإنه لا يبطل ولذا قال في الذخيرة لو قالت لزوجها اخترتك أو اخترت زوجي يقع لازما فلا يرتد بردهما فلا مناقضة بين قولهم لا يرتد بالرد وقولهم هنا وإذا ردت بطل ، وقد سلك ، والشارحون طريقا آخر في دفع المناقضة بأنه يرتد بالرد عند التفويض وأما بعده فلا يرتد كما إذا جعل أمرها بيدها أو بيد أجنبي لا يصح وكالإبراء عن الدين بعد ثبوته لا يتوقف على القبول ويرتد بالرد لما فيه من معنى الإسقاط ، والتمليك أما الإسقاط فظاهر وأما التمليك فلقوله تعالى { أقر بمال لرجل فصدقه ثم رد إقراره وأن تصدقوا خير لكم } سمي الإبراء تصدقا كذا في فتح القدير ، والصواب أن يقال إنهم وفقوا بينهما بأنه يريد برده عند التفويض لا بعد ما قبله كما في الفصول وأما ما ذكره من أنه بعد التفويض فمحمول على ما إذا قبله ووفق بينهما في جامع الفصولين بأنه يحتمل أن يكون فيه روايتان لأنه تمليك من وجه وتعليق من وجه فيصح رده قبل قبوله نظرا إلى التمليك ولا يصح إلى التعليق لا قبله ولا بعده فتصح رواية صحة الرد نظرا إلى التمليك وتصح رواية فساد الرد نظرا إلى التعليق ا هـ .
وحاصله أن [ ص: 347 ] ابن الهمام حمل قولهم بصحة الرد على اختيارها زوجها وقولهم بعدم صحته على ما لو قالت رددت وهو حمل قاصر لأنه خاص بما إذا جعل أمرها بيدها .
وقولهم إنه يرتد بالرد شامل لما إذا جعل الأمر بيدها أو بيد أجنبي كما صرح به في جامع الفصولين ولا يمكن هذا الحمل في أمر الأجنبي فتعين ما وفق به المشايخ من أنه يرتد قبل القبول لا بعده كالإبراء وجوابه أنه يأتي من الأجنبي أيضا بأن يقول للزوج اخترتك كما لا يخفى ، وفي كلام الشارحين نظر لأن قولها بعد القبول رددت إعراض مبطل لخيارها ، وقد وقع في هذا الفصل ثلاث مناقضات إحداهما ما قدمناه وجوابها الثانية ما وقع في الفصول أنه لو خرج الأمر من يدها وقال في موضع آخر لا يخرج ، وإن كان الطلاق بائنا ووفق بأن الخروج فيما إذا كان الأمر منجزا وعدمه إذا كان الأمر معلقا بأن قال : إن كان كذا فأمرك بيدك ، والحق أن في المسألة اختلاف الرواية ، والأقوال وظاهر الرواية أن الأمر باليد يبطل بتنجيز الإبانة بمعنى أنها لو طلقت نفسها في العدة لا يقع لا بمعنى بطلانه بالكلية لما قدمناه من أنها لو طلقت نفسها بعد التزوج وقع عند الإمام ويدل عليه قولهم في باب التعليق وزوال الملك بعد اليمين لا يبطل بناء على أن التخيير بمنزلة تعليق طلاقها باختيارها نفسها ، وإن كان تمليكا ، وفي القنية معلما بعلامة فيه إن فعلت كذا فأمرك بيدك ثم طلقها قبل وجود الشرط طلاقا بائنا ثم تزوجها يبقى الأمر في يدها ثم رقم بم لا يبقى في ظاهر الرواية ثم رقم بح إن تزوجها قبل انقضاء العدة ، والأمر باق ، وإن تزوجها بعد انقضائها لا يبقى ا هـ . قال لامرأته : أمرك بيدك ثم طلقها بائنا
فقد صرح بعدم بقائه مع الأمر المعلق في ظاهر الرواية .
فلا يصح التوفيق بأنه يبقى إذا كان معلقا فالحق أن في المسألة اختلاف الرواية كما [ ص: 348 ] أن الظاهر في مسألة رد التفويض أن فيها روايتين ويدل على ذلك ما في الهداية فإنه نقل رواية عن أبي حنيفة بأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع ثم ذكر بعدها وجه ظاهر الرواية فلا يحتاج إلى ما تكلفه ابن الهمام ، والشارحون في المسألتين ، وفي البزازية : يصير أمرها بيدها بخلاف ما لو جعل أمرها بيد نفسها ثم طلقها بائنا على ما مر لأنه تمليك ا هـ . له امرأتان جعل أمر إحداهما بيد الأخرى ثم طلق المفوض إليها بائنا أو خالعها ثم تزوجها
الثالثة : ما وقع في هذا الكتاب ، والهداية وعامة الكتب أن الأمر باليد تصح إضافته وتعليقه نحو أمرك بيدك يوم يقدم فلان أو إذا جاء غد وبه خالف أيضا سائر التمليكات وذكر قاضي خان في شرح الزيادات ما يخالفه فإنه قال لو ، وإن قامت عن مجلسها قبل أن تقول شيئا بطل ا هـ . قال أمرك بيدك فطلقي نفسك ثلاثا للسنة أو ثلاثا إذا جاء غد فقالت في المجلس اخترت نفسي طلقت للحال ثلاثا
ودفعها أن ما ذكره القاضي ليس فيه تعليق الأمر ولا إضافته لأنه منجز ، وقوله : فطلقي نفسك تفسير له فكان التعليق مرادا بلا لفظ وليس المنجز محتملا للتعليق فلا يكون معلقا ، وإن نواه .
[ ص: 347 ]