( قوله : وبأبنت نفسي طلقت لا باخترت ) يعني أن ، والفرق بينهما أن الإبانة من ألفاظ الطلاق لأنه كناية ، والمفوض إليها [ ص: 353 ] الطلاق ، والاختيار ليس من ألفاظه لا صريحا ولا كناية بدليل الوقوع بأبنتك دون اختاري ، وإن نوى الطلاق . وتوقفه على إجازته إذا أبنت نفسي يصلح جوابا لطلقي نفسك ولا يصلح اخترت نفسي جوابا له كما في تلخيص الجامع وعدم التوقف إذا قالت اخترت نفسي منه وإنما صار كناية بإجماع الصحابة رضي الله عنهم فيما إذا حصل جوابا للتخيير على خلاف القياس وصلح جوابا للأمر باليد أيضا لأنه هو التخيير معنى فثبت جوابا له بدلالة نص إجماعهم على التخيير لأن قوله : أمرك بيدك ليس معناه إلا أنك مخيرة في أمرك الذي هو الطلاق بين إيقاعه وعدمه فهو مرادف للتخيير بلفظ التخيير للعلم بأن خصوص اللفظ ملغي بخلاف طلقي فإنه وضع لطلب الطلاق لا للتخيير بينه وبين عدمه ، وفي المحيط من العتق لو قالت أبنت نفسي بشرط نيتها كان باطلا ا هـ . قال لأمته : أعتقي نفسك فقالت اخترت
بخلاف ما إذا فإنه يتوقف فإذا أجاز صار أمرها بيدها كما قدمناه وأشار بقوله طلقت إلى أنه رجعي لأن مخالفتها في الوصف فقط فوقع أصل الطلاق دون ما وصفته به بخلاف ما لو قالت جعلت الخيار إلي أو جعلت أمري بيدي حيث لا يقع شيء لأن المخالفة في الأصل ، وفي فتح القدير واعلم أن المسألتين ذكرهما قال : طلقي نصف تطليقة فطلقت واحدة أو ثلاثا فطلقت ألفا التمرتاشي ، والخلاف فيهما في الأصل إنما هو باعتبار صورة اللفظ لا غير إذ لو أوقعت على الموافقة أعني الثلاث ، والنصف كان الواقع هو الواقع بالتطليقة ، والألف ، والخلاف في مسألة الكتاب باعتبار المعنى فإن الواقع بمجرد الصريح ليس هو الواقع بالبائن ، وقد اعتبر الخلاف بمجرد اللفظ بلا مخالفة في المعنى نظرا إلى أنه الأصل في الإيقاع ، والخلاف في المعنى غير خلاف ، وفيه ما لا يخفى ا هـ .
ولا فرق بين ولا فرق بين قوله : طلقي نفسك ، وقوله : طلقي نفسك تطليقة رجعية وبين قولها أبنت نفسي في وقوع الأصل وإلغاء الوصف كما في البدائع ، وفيها من العتق لو قولها طلقت نفسي بائنة عتقت ولا يحتاج إلى نية السيد ا هـ . قال لأمته : أمر عتقك في يدك أو جعلت عتقك في يدك أو خيرتك في عتقك فأعتقت نفسها في المجلس
فينبغي أن يكون في الطلاق كذلك فتصير هذه الألفاظ بمنزلة طلقي نفسك لا تحتاج إلى نية وأفاد بعدم صلاحيته للجواب أن الأمر يخرج من يدها لاشتغالها بما لا يعنيها كما في فتح القدير ودل اقتصاره على نفي الاختيار أن كل لفظ يصلح للإيقاع من الزوج يصلح جوابا لطلقي نفسك كجواب الأمر باليد كما صرح به في الخلاصة وذكر في القنية يقع قال لها : طلقي نفسك فقالت : حلال الله علي حرام بخوارزم وبخارى ا هـ .
وفي البزازية اخترت يصلح جوابا لأمرك بيدك ولاختاري لا لطلقي وطلقت جوابا للكل ، والأمر لا يصلح تفسيرا للأمر لأن إقامة التعزير في الأول غير مفوض إليه وكذا الاختيار للاختيار وطلقي نفسك يصلح تفسيرا لقوله : أمرك بيدك ولقوله اختاري . ا هـ .