( قوله : ولو لم يتقيد بالمجلس إلا إذا زاد إن شئت ) لأنه توكيل وأنه استعانة فلا يقتصر على المجلس وأشار إلى أنه له الرجوع عنه بخلاف قال لرجل : طلق امرأتي لأنها عاملة لنفسها فكان تمليكا لا توكيلا وإذا زاد إن شئت بأن قوله لامرأته طلقي نفسك فإنه يتقيد بالمجلس ، ولو صرح بأنه وكيل كما في الخانية من الوكالة وأشار إلى أنه لا رجوع له وقال قال لرجل طلقها إن شئت : هذا ، والأول سواء لأن التصريح بالمشيئة كعدمه لأنه يتصرف عن مشيئة فصار كالوكيل بالبيع إذا قيل له بع إن شئت ولنا أنه تمليك لأنه علقه بالمشيئة ، والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته ، والطلاق يحتمل التعليق بخلاف البيع فإنه لا يحتمله كذا في الهداية وتعقبه بعضهم بأن البيع فيه ليس بمعلق بالمشيئة بل المعلق فيه الوكالة بالبيع وهي تقبل التعليق وكأنه اعتبر التوكيل بالبيع بنفس البيع ا هـ . زفر
ورده في فتح القدير بأنه غلط يظهر بأدنى تأمل لأن التوكيل هو قوله : بع فكيف يتصور كون نفس قوله معلقا بمشيئة غيره بل وقد تحقق وفرغ منه قبل مشيئة ذلك الغير لم يبق لذلك الغير سوى فعل متعلق التوكيل أو عدم القبول ، والرد ا هـ .
وهو سهو يظهر بأدنى تأمل لأنه لم يقل أن التوكيل معلق حتى يرد عليه ما ذكره وإنما ذكر أن الوكالة معلقة بالمشيئة ، والوكالة أثر التوكيل فجاز إطلاق التوكيل عليها في قوله وكأنه اعتبر التوكيل أي الوكالة ، والحق أن البيع ، والتوكيل به لم يعلقا بالمشيئة .
وإنما المعلق الوكالة وتعليقها صحيح فيحتاج إلى الفرق بين قوله طلقها إن شئت وبع إن شئت ثم اعلم أن قول صاحب الهداية ، والبيع لا يحتمل ظاهر في أنه لا يحتمل التعليق بالمشيئة وإذا لم [ ص: 357 ] يحتمله فهل يبطل أو يصح ويبطل التعليق قال في المحيط من كتاب الأيمان من قسم التعليق : لو يكون بيعا صحيحا إذا البيع لا يحتمل التعليق ا هـ . قال لرجل بعت عبدي منك بكذا إن شئت فقبل
قيد بقوله طلقها لأنه لو يقتصر على المجلس ولا يملك الرجوع على الأصح ، وإن قال : بعض هذا توكيل لأنه صرح بالأمر كذا في الخلاصة وكذا لو قال أمر امرأتي بيدك يقتصر على المجلس ويكون رجعيا كذا في الخانية ، وفي الظهيرية لو قال : جعلت إليك طلاقها فطلقها لا يصير الأمر بيدها ما لم يقل المأمور بخلاف قال : قل لامرأتي أمرك بيدك ، ولو قل لها إن أمرها بيدها انفرد المخاطب وذكر الله هنا للتبرك عرفا وكذا في العتاق ، والبيع ، والإجارة ، والخلع ، والطلاق على مال ، ولو قال : أمرها بيد الله وبيدك لا ينفرد المخاطب ، ولو قال : أمرها بيدي ويدك لا يقع لاستعماله للاستثناء ، ولو قال : طلقها ما شاء الله وشئت فطلقها المخاطب جاز لأن المشيئة هنا تنصرف إلى البدل لا إلى التفويض ا هـ . قال : طلقها بما شاء الله وشئت من المال فطلقها المخاطب
فإن قلت إذا جمع لأجنبي بين الأمر باليد ، والأمر بالتطليق فما المعتبر منهما قلت قال في الخانية : لو يقع تطليقة بائنة إلا إذا نوى الزوج ثلاثا فثلاث وكذا لو قال لغيره أمر امرأتي بيدك فطلقها فقال لها المأمور أنت طالق أو قال طلقتك بخلاف ما لو قال : طلقها فأمرها بيدك وقعت واحدة رجعية ، ولو قال : أمرها بيدك في تطليقة أو بتطليقة فطلقها المأمور في المجلس فهو تفويض يقتصر على المجلس ويقع واحدة رجعية لو قال : طلقها ، وقد جعلت أمر ذلك إليك يقتصر على المجلس ويكون رجعيا ، ولو قال : طلقها ، وقد جعلت إليك طلاقها فطلقها فهو توكيل لا يقتصر على المجلس وللزوج الرجوع ويقع بائنة وليس له أن يوقع أكثر من واحدة ، ولو قال : طلقها فأبنها أو أبنها فطلقها كان الثاني غير الأول لأن الواو للعطف فأما حرف الفاء في هذه المواضع يكون لبيان السبب فلا يملك إلا واحدة وإذا ذكر بحرف الواو فطلقها الوكيل في المجلس تبين بتطليقتين لأن الواقع بحكم الأمر يكون بائنا فإذا كان أحدهما بائنا كان الآخر بائنا فإن قال : طلقها ، وقد جعلت أمرها بيدك أو جعلت أمرها بيدك وطلقها تقع رجعية لأن التفويض يبطل بالقيام عن المجلس وبقي التوكيل بصريح الطلاق وكذا لو طلقها الوكيل بعد القيام عن المجلس . قال : أمرها بيدك وطلقها
ولو يقع تطليقتان لأنه وكله بالإبانة ، والطلاق ، والتوكيل لا يبطل بالقيام عن المجلس فيقع طلاقان ا هـ . قال : طلقها وأبنها أو قال : أبنها وطلقها وطلقها في المجلس أو غيره
وحاصله أنه إذا جمع للأجنبي بين الأمر باليد ، والأمر بالتطليق بالفاء فهو واحد ولا اعتبار للأمر باليد تقدم أو تأخر فيتقيد بالمجلس ولا يملك عزاء وتقع بائنة ، وإن كان بالواو فهما تفويضان فالأمر باليد تمليك يعطى أحكامه ، والأمر بالتطليق توكيل فيأخذ أحكامه ، وإن أمره بالإبانة ، والتطليق بالفاء فهو توكيل بواحدة ، وإن كان الواو فهو توكيل بالإبانة ، والتطليق فيقع طلاقا ، وإن جمع بين الجعل إليه وبين الأمر بالتطليق فإن قدم الجعل فهو تمليك ، وإن أخره فهو توكيل وظاهره أنه لا فرق بين الفاء ، والواو وإلى هنا ظهر في أربعة أحكام فالتمليك يتقيد بالمجلس ولا يصح الرجوع عنه ولا العزل ولا يبطل بجنون الزوج وانعكست هذه الأحكام في التوكيل ولو قال الفرق بين التمليك ، والتوكيل المصنف ، ولو لكان أولى ليشمل ما إذا قال لغيرها طلقها كما قدمناه وسيأتي عن الخانية في باب التعليق أنه لو أمر زوجته بطلاق ضرتها طلقت التي تزوجها ، وإن قالت التي عنده قبل أن يتزوج أخرى قبلت لا يصح [ ص: 358 ] قبولها لأن ذلك قبول قبل الإيجاب ا هـ . قال : كل امرأة أتزوجها فقد بعت طلاقها منك بدرهم ثم تزوج امرأة فقالت التي كانت عنده حين علمت بنكاح غيرها قبلت أو قالت طلقتها أو قالت : اشتريت طلاقها
وأطلق الرجل فشمل ما إذا فوضه لصبي لا يعقل أو مجنون فلذا قال في المحيط لو فذلك إليه ما دام في المجلس لأن هذا تمليك في ضمنه تعليق فإن لم يصح باعتبار التمليك يصح باعتبار معنى التعليق فصححناه باعتبار التعليق فكأنه قال : جعل أمرها بيد صبي لا يعقل أو مجنون وباعتبار معنى التمليك يقتصر على المجلس عملا بالشبهين ا هـ . إن قال لك المجنون أنت طالق فأنت طالق
لكن في الخانية قال في الأصل إن كان ممن يعبر يجوز ا هـ . قال : رجل فوض طلاق امرأته إلى صبي
ومفهومه أنه إذا كان لا يعبر لا يجوز ولا مخالفة بين ما في المحيط وما فيها لأن الصبي الذي لا يعقل يشترط أن يكون ممن يتكلم ليصح أن يوقع الطلاق عليها ولا يلزم من التعبير العقل كما لا يخفى ، وفي الخانية لو قال جن المجعول إليه بعد التفويض فطلق إن كان لا يعقل ما يقول لا يقع طلاقه ا هـ . محمد
فعلى هذا يفرق بين التفويض إلى المجنون ابتداء وبين طريان الجنون ونظيره ما ذكره في الخانية بعده لولا ينعقد بيعه ، ولو وكل رجلا ببيع عبده فجن الوكيل جنونا يعقل فيه البيع ، والشراء ثم باع الوكيل نفذ بيعه لأنه إذا لم يكن مجنونا وقت التوكيل كان التوكيل ببيع تكون العهدة فيه على الوكيل وبعد ما جن الوكيل لو نفذ بيعه كانت العهدة فيه على الموكل فلا ينفذ أما إذا كان الوكيل مجنونا وقت التوكيل فإنما وكل ببيع تكون العهدة فيه على الموكل فإذا أتى بذلك نفذ بيعه على الموكل ا هـ . وكل رجلا مجنونا بهذه الصفة ببيع عبده ثم باع الوكيل
وفي تفويض الطلاق ، وإن كان لا عهدة أصلا ولكن الزوج حين التفويض لم يعلق إلا على كلام عاقل فإذا طلق وهو مجنون لم يوجد الشرط بخلاف ما إذا فوض إلى مجنون ابتداء وبين التفويض إلى مجنون وتوكيله بالبيع فرق فإنه في التفويض يصح ، وإن لم يعقل أصلا باعتبار معنى التعليق ، وفي التوكيل بالبيع لا يصح إلا إذا كان يعقل البيع ، والشراء كما قيده به في الخانية وكأنه بمعنى المعتوه ومن فرعي التفويض ، والتوكيل بالبيع ظهر أنه تسومح في الابتداء ما لم يتسامح في البقاء وهو خلاف القاعدة الفقهية من أنه يتسامح في البقاء ما لا يتسامح في الابتداء ثم اعلم أن ما نقلناه عن المحيط ، والخانية إنما هو فيما إذا جعل أمرها بيد صبي أو مجنون لا فيما إذا وكلهما ولا بد في صحة التوكيل مطلقا من عقل الوكيل كما صرحوا به في كتاب الوكالة فعلى هذا لا بد من التقييد بالعقل في كلام المصنف وحينئذ فهذه مما خالف فيها التمليك التوكيل ولم يذكر المصنف جواب الأمر بالتطليق المعلق بالمشيئة ، وفي المحيط : لو لا يقع لأن الزوج أمره بتطليقها إن شاء ولم يوجد التطليق بقوله شئت فلو قال لرجل طلق امرأتي إن شئت فقال شئت وقع لوجود الشرط وهو مشيئته ، ولو قال هي طالق إن شئت فقال شئت وقع لأن قوله فعلت كناية عن قوله طلقت ، ولو قال طلقها فقال فعلت لا يقع لتعذر وجود الشرط ا هـ . قال : أنت طالق إن شاء فلان فمات فلان
وفي الخلاصة لو لا ينفرد أحدهما ، ولو جعل أمرها بيد رجلين طلقت ثلاثا ا هـ . قال لهما طلقا امرأتي ثلاثا فطلقها أحدهما واحدة ، والآخر ثنتين
وأشار المصنف إلى أنه لو فإنه يجوز بالأولى وقدمنا قريبا عن الظهيرية الفرق بين قوله أرسل التفويض إليها مع رجل حيث لا يكون الأمر بيدها إلا إذا قال لها وقوله : قل لها أمرك بيدك حيث يكون الأمر بيدها من غير قول الرسول ، وفي جامع الفصولين شهدا أن فلانا أمرنا أن نبلغ امرأته أنه فوض إليها فبلغناها ، وقد طلقت نفسها بعده جازت شهادتهما ، ولو قل لها إن أمرك بيدك ففعلنا لم يجز نظير المسألة الأولى أنهما لو شهدا أن فلانا قال لنا فوضا إليها جازت شهادتهما ا هـ . شهدا أن فلانا أمرنا أن نبلغ فلانا أنه وكله ببيع قنه فأعلمناه ثم باعه
ولو قال المؤلف إلا إذا زاد إن شئت أو شاءت لكان أولى لأنه [ ص: 359 ] يتقيد بالمجلس إذا وجد أحدهما في الخانية لو لم يكن وكيلا حتى تشاء المرأة في مجلسها لأنه علق التوكيل بمشيئتها فيقتصر على مجلس العلم كما لو علق الطلاق بمشيئتها فإذا شاءت في المجلس يكون وكيلا فإن قام الوكيل عن المجلس قبل أن يطلق بطلت الوكالة وقال بعض العلماء لا تبطل لأن المعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمرسل فيصير كأنه قال بعد مشيئتها أنت وكيلي في طلاقها فلا يقتصر على المجلس . قال لغيره : أنت وكيلي في طلاق امرأتي إن شاءت أو هويت أو أرادت
قالوا : والصحيح جواب الكتاب لأن ثبوت الوكالة بالطلاق بناء على ما فوض إليها من المشيئة ومشيئتها تقتصر على المجلس فكذلك الوكالة ا هـ .
وحاصله أنه لا بد من مشيئتها في مجلسها وتطليقه في مجلسه وهذا مما يلغز به فيقال وإياك أن تفهم من التقييد بالمجلس أنه تمليك لأن ذلك فيما إذا علقه بمشيئته وهنا علقه بمشيئتها فكان توكيلا فيملك عزله ، وفي القنية وكالة تقيدت بمجلس الوكيل لا يقع كتب إلى أخيه أما بعد فإن وصل إليك كتابي فطلق امرأتي إن سألت ذلك فوصل وعرض عليها فلم تسأل الطلاق إلا بعد أربعة أيام أو خمسة ثم سألته فطلقها لا يصير وكيلا ما لم تشأ ولها المشيئة في مجلس علمها فإذا شاءت صار وكيلا فلو طلقها في المجلس يقع ، ولو قام عن مجلسه بطل التوكيل وينبغي أن يحفظ هذا فإن البلوى فيه تعم فإن عامة كتب الطلاق على هذه المثابة ، والوكلاء يؤخرون الإيقاع عن مشيئتها ولا يدرون أن الطلاق لا يقع ا هـ . قال له طلق امرأتي إن شاءت
وقيد بقوله طلقها لأنه لو فالصحيح أن هذا كقول الرجل لامرأته نعم بعد قولها له أريد أن أطلق نفسي ثم طلقت نفسها منه أنه لا يقع إلا إذا نوى الزوج التفويض إليها ، وإن عنى بذلك طلقي نفسك إن استطعت أو طلقها إن استطعت لا تطلق كما في الخانية ، ولو قال له رجل أريد أن أطلق امرأتك ثلاثا فقال الزوج نعم فقال الرجل طلقت امرأتك ثلاثا لا يكون توكيلا ، ولو قال لا أنهاك عن طلاق امرأتي يكون إذنا في التجارة لأن قوله للعبد ذلك لا يكون دون ما لو رآه يبيع ويشتري ولم ينهه وثمة يصير مأذونا في التجارة فههنا أولى ، ولو رأى إنسانا يطلق امرأته ولم ينهه لا يصير المطلق وكيلا ولا يقع كذلك هنا ، ولو قال لعبده لا أنهاك عن التجارة اختلفوا فيه ، والصحيح أنه لا يقع ، وفي فتاوى قال لغيره وكلتك في جميع أموري فطلق الوكيل امرأته الفقيه أبي جعفر لو لم تكن الوكالة عامة ، وإن كان أمر الرجل مختلفا ليس له صناعة معروفة فالوكالة باطلة ، وإن كان الموكل تاجرا ينصرف التوكيل إلى التجارة . قال وكلتك في جميع أموري وأقمتك مقام نفسي